احتجاجات لوس أنجلوس: ترامب يظهر سلطته في “مركز الاحتجاج”

احتجاجات لوس أنجلوس: ترامب يظهر سلطته في “مركز الاحتجاج”


لحظة فارقة في ولايته الرئاسية تمثلها استجابة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للاحتجاجات في لوس أنجلوس والتي امتدت إلى مدن أخرى.

ويحرص ترامب على استخدام قوته التنفيذية بمستوى لم يكن يحلم به خلال ولايته الأولى فيما يمكن تسمية هذه الأيام بـ”أسبوع الرئيس ترامب القوي”، حسب تعبير موقع “أكسيوس” الأمريكي.

وفي تحليل له، اعتبر الموقع أن رد ترامب السريع على احتجاجات لوس أنجلوس والذي تمثل في نشر الحرس الوطني يعد لحظة فارقة، حيث استخدم الرئيس سلطته العسكرية لتعزيز حملته على الهجرة ومهاجمة الديمقراطيين بمزيج من البذخ والتهديد.

بعد لوس أنجلوس.. ولاية جديدة تقرر نشر «الحرس الوطني»

وفي استعراض للقوة، أكد ترامب أنه سيرسل قوات إلى أي مدينة يراها معرضة لخطر أعمال شغب، أو ربما حتى احتجاجات لا يرغب بها بما في ذلك العرض العسكري المقرر إقامته يوم السبت المقبل في واشنطن العاصمة.

ويعد هذا أقوى إشارة على اقترابه من تصعيد العمل العسكري واعتبار الاحتجاجات “تمردا”.

ولا يُحدد الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب نهاية الأسبوع الماضي، والذي يجيز نشر الحرس الوطني، أن الأمر يقتصر على لوس أنجلوس فقط، بل قد ينطبق على أي مكان آخر.

وبصورة متكررة فتح ترامب «النار» على الاحتجاجات ضد مداهماته للهجرة والتي امتدت إلى مدن أخرى ووصفها بـ”الفوضى”، كما وصف بعض المتظاهرين في وقت سابق بـ”المتمردين”.

وتشير هذه الادعاءات إلى أن ترامب يسعى لتبرير استخدام قانون التمرد لعام 1807، الذي يسمح بنشر القوات الأمريكية لقمع الاضطرابات الداخلية، وهو من بين أكثر سلطات الطوارئ تطرفًا المتاحة للرئيس.

وفي نواح عديدة تعكس تصرفات ترامب ندمه على ما يعتبرها أخطاء الولاية الأولى ومحاولته تصحيحها مثل عدم إرسال الحرس الوطني في وقت أبكر في عام 2020، خلال استجابة إدارته آنذاك للاضطرابات التي أعقبت وفاة جورج فلويد على يد شرطة مينيابوليس حيث أقنعه مستشاروه بالتراجع عن الفكرة.

كما أراد ترامب أيضًا إقامة عرض عسكري في عام 2020، لكنه تراجع عن الفكرة بعدما حذره مستشاروه من أنه سيبدو استبداديًا للغاية وقد يتسبب في أضرار باهظة الثمن بسبب مرور الدبابات في شوارع العاصمة.

وذكر مارك شورت، رئيس أركان نائب الرئيس مايك بنس آنذاك، أن ترامب كان حريصًا على إقامة عرض عسكري منذ أن استضافه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في عرض يوم الباستيل في باريس عام 2017.

من جانبها اعتبرت صحيفة “الغارديان” البريطانية أن استعراض ترامب للقوة العسكرية في لوس أنجلس ليس “حادثة معزولة” وأن الأمر كان قيد التحضير لسنوات حيث كان الرئيس الأمريكي ينتظر هذا الصدام الذي يسمح لإدارته بـ”افتعال” أزمة.

فبعد أسفه لعدم اتباع نهج أكثر حزما ضد احتجاجات 2020 جاءت اللحظة التي أرادها ليفعل ما كان يريد فعله قبل 5 سنوات.

وقالت “الغارديان” إن ما يحدث في لوس أنجلوس هو “الصراع المُعدّ للعرض التلفزيوني الذي كان ترامب ينتظره” مشيرة إلى “مشاهد آسرة بصريًا لاضطرابات في مدينة يديرها الديمقراطيون، غاضبة من أجندة إدارته للترحيل الجماعي”.

ونقلت الصحيفة ما كتبه حاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسوم على منصة إكس من أن “الفوضى هي بالضبط ما أراده ترامب، والآن تُركت كاليفورنيا لتنظيف الفوضى”.

أهداف متداخلة

ووفقا لـ”الغارديان”، فإن المواجهة في لوس أنجلوس “تجمع بين أهداف متداخلة طويلة الأمد لترامب من إجبار مسؤولي الولاية والمسؤولين المحليين على الرضوخ إلى محاولة استغلال أكبر قدر ممكن من الموارد لبرنامج الترحيل الخاص به”.

و”في الوقت نفسه ملاحقة المتظاهرين الذين يتحدثون أو يتصرفون ضده وكل ذلك مع تجاوز حدود الشرعية.”

وقالت سارة ميهتا، نائبة مدير الشؤون الحكومية في اتحاد الحريات المدنية الأمريكي، إن إرسال قوات إلى مدينة أمريكية لقمع الاحتجاجات السلمية إلى حد كبير هو “حالة اختبار” يمكن أن تكون “استراتيجية تكررها الإدارة في مدن أخرى.”

وفي تقرير منفصل، اعتبرت “الغارديان” أنه لم يكن أمرا مفاجئا أن تثور لوس أنجلوس ضد ترامب، وأشارت إلى أنه لعقود كانت المدينة في قلب حركات الحقوق المدنية وحقوق المهاجرين كما أن المداهمات لاعتقال المهاجرين يبدو أنها تحشد جيلًا جديدًا.

وذكرت الصحيفة أن لوس أنجلوس تعد موطنًا لنحو مليون مهاجر غير نظامي، وهو العدد الأكبر في أي مدينة أمريكية.

واعتبرت أن ترامب قرر خوض معركته ضد الهجرة في مدينة تضم واحدة من أكثر شبكات المنظمات المؤيدة للهجرة والنقابات العمالية المؤيدة للمهاجرين تطورًا في الولايات المتحدة.

وقال كريس زيبيدا ميلان، خبير السياسات العامة في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس، لـ”الغارديان” وهو في طريقه إلى الاحتجاج “نرى الأمر نضالًا للحفاظ على ما تبقى من الديمقراطية الأمريكية”.