إيران تبرز استراتيجياتها العسكرية في مواجهة التهديدات المحتملة

تم تحديثه الخميس 2025/6/12 08:16 ص بتوقيت أبوظبي
مع تزايد المؤشرات على اقتراب مواجهة محتملة بالشرق الأوسط، كشفت مصادر مطلعة أن إيران بحثت مؤخرًا في أعلى مستوياتها السيناريوهات العسكرية والردود المحتملة حال تعرض البلاد لهجوم يستهدف منشآتها النووية أو بنيتها التحتية الاستراتيجية.
ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤول إيراني – لم تكشف عن اسمه – أن الاجتماع الذي جمع كبار القادة السياسيين والعسكريين الإيرانيين تناول ما وصفه بـ«رد شامل وفوري»، يتضمن إطلاق مئات الصواريخ الباليستية باتجاه أهداف إسرائيلية، وذلك في إطار استراتيجية تهدف إلى «ردع» أي هجوم مماثل مستقبلي.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إيرانيين وغربيين، قولهم إن القيادة الإيرانية أجرت خلال الأيام الماضية سلسلة اجتماعات رفيعة المستوى ناقشت فيها سبل الرد على أي ضربة عسكرية إسرائيلية قد تستهدف منشآتها النووية أو بنيتها التحتية الاستراتيجية.
خطة الردع الإيرانية
وبحسب مسؤول إيراني، ترتكز الخطة الإيرانية المقترحة على تنفيذ رد مضاد واسع النطاق خلال ساعات من أي ضربة إسرائيلية، مع التركيز على استهداف مواقع حيوية داخل إسرائيل، بما في ذلك مراكز القيادة والمنشآت الاستراتيجية والعسكرية.
وأشار التقرير إلى أن طهران تسعى عبر هذا التصعيد المدروس إلى تحقيق «توازن ردع» مع تل أبيب، بما يقلل من فرص تكرار عمليات عسكرية مماثلة.
ويأتي هذا التصعيد في الخطاب الإيراني في وقت تشهد فيه المنطقة حالة من التأهب الأمني المتصاعد، بالتوازي مع تحركات أمريكية تهدف إلى تقليص الوجود العسكري والدبلوماسي في بعض دول الشرق الأوسط.
وفي طهران، أكد الجنرال عزيز نصيرزاده، وزير الدفاع الإيراني، الأربعاء، أن بلاده «ستُكبّد الولايات المتحدة خسائر فادحة إذا فشلت المحادثات واندلعت الحرب»، محذرًا من أن «جميع القواعد الأمريكية في المنطقة ستكون عرضة للخطر»، وأن «الولايات المتحدة لن تستطيع البقاء في المنطقة إذا تفجرت الحرب».
وتأتي هذه التصريحات بعد نحو ثمانية أشهر من الهجوم الصاروخي الإيراني في أكتوبر/تشرين الأول 2024، الذي استهدف مواقع إسرائيلية خلال الحرب في غزة، وتم اعتراض جزء كبير منه عبر الدفاعات الجوية الأمريكية والإسرائيلية، ما قلل من الخسائر.
وكانت واشنطن قد أمرت بإجلاء موظفين غير أساسيين من بعض بعثاتها الدبلوماسية في العراق ودول أخرى، إلى جانب إصدار تحذيرات أمنية لمواطنيها في المنطقة.
وقبل أيام أعلنت عن حصولها على وثائق استخباراتية قالت إنها “حساسة واستراتيجية”، وتخص الأمن الإسرائيلي، بما في ذلك منشآت نووية.
وبحسب ما أعلنه التلفزيون الرسمي الإيراني، السبت الماضي، فإن أجهزة الاستخبارات الإيرانية “تمكنت من الحصول على كمية كبيرة من المعلومات والوثائق الحساسة المرتبطة بإسرائيل، بما يشمل آلاف الوثائق المتعلقة بمشاريعها ومنشآتها النووية”. إلا أن البيان لم يوضح كيفية حصول إيران على هذه الوثائق، أو ماهية التفاصيل التي تتضمنها.
هذه الخطوة، وإن لم تترافق مع نشر الوثائق فعليًا، تندرج ضمن ما يعتبره مراقبون “تصعيدًا استخباراتيًا وحربًا نفسية” في سياق الصراع الطويل بين البلدين، والذي يتراوح بين الهجمات السيبرانية، وعمليات الاغتيال، وضربات غير معلنة على الأرض، خصوصًا في سوريا، لكنه الآن، حال صحته، فقد يشكل تهديدا للمنشآت النووية الإسرائيلية.
إسرائيل مستعدة
في المقابل، أكدت مصادر أمريكية وأوروبية للصحيفة ذاتها أن إسرائيل باتت أقرب من أي وقت مضى لتنفيذ ضربة عسكرية ضد إيران، في خطوة قد تُحدث تصعيدًا خطيرًا في المنطقة، وتعرقل جهود إدارة ترامب في التوصل إلى اتفاق نووي جديد يُقيّد طموحات طهران النووية.
وبحسب هذه المصادر، فقد دفع القلق من ضربة إسرائيلية وشيكة ورد إيراني محتمل، واشنطن إلى اتخاذ إجراءات وقائية عاجلة، من بينها سحب دبلوماسييها من العراق والسماح بالمغادرة الطوعية لعائلات العسكريين الأمريكيين من عدة قواعد في الشرق الأوسط.
وفي تطور لافت، قال مسؤولون إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كثّف منذ أشهر ضغوطه على الرئيس دونالد ترامب لحثّه على استغلال ما تعتبره إسرائيل «نقطة ضعف إيرانية» لتنفيذ ضربة تستبق أي تقدم نووي إيراني، غير أن ترامب رفض في البداية هذا الخيار، مفضّلًا إعطاء فرصة للمفاوضات.
لكن مع تعثر المفاوضات، وتحديدًا بعد رفض المرشد الإيراني الأعلى اقتراحًا أمريكيًا بوقف تدريجي لتخصيب اليورانيوم، بات موقف ترامب أكثر تشددًا، إذ أعلن هذا الأسبوع أنه «أقل ثقة» في إمكانية التوصل إلى تسوية دبلوماسية مع إيران، في تصريح أدلى به خلال بودكاست مع صحيفة «نيويورك بوست».
مخاوف من انهيار الدبلوماسية
التوتر الحالي يأتي في وقت تترقب فيه العواصم الإقليمية والدولية نتائج اللقاء المرتقب في مسقط، الأحد المقبل، بين المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الذي من المتوقع أن يتناول الرد الإيراني على المقترحات الأمريكية الأخيرة المتعلقة بالملف النووي.
وتُعد هذه المحادثات إحدى آخر المحاولات الدبلوماسية لتفادي مواجهة مباشرة، لا سيما في ظل إصرار واشنطن على مطلبها الرئيسي المتمثل في وقف إيران لأنشطة تخصيب اليورانيوم، بينما تصر طهران على حقها في الاستخدام السلمي للطاقة النووية.
تصعيد في الخطاب وتحذيرات متبادلة
في المقابل، تُكثف إسرائيل من تحذيراتها، مشيرة إلى أنها لن تسمح لإيران بالاقتراب من حيازة سلاح نووي، فيما تواصل الوكالة الدولية للطاقة الذرية التعبير عن قلقها إزاء تزايد مخزونات اليورانيوم عالي التخصيب في إيران.
وكان أحدث تقرير للوكالة قد أشار إلى أن إيران تمتلك حالياً قرابة 900 رطل من اليورانيوم المخصب بنسبة تقترب من عتبة الاستخدام العسكري، ما يُعد تطورًا لافتًا يزيد من الضغوط على كل الأطراف للبحث عن مخرج دبلوماسي عاجل..