على الرغم من تهديدات ترامب… آسيا تستمر في خطوات التخلي عن الدولار الأمريكي

تتجه آسيا تدريجيًا نحو التخلي عن الدولار الأمريكي، حيث تدفع مجموعة من الشكوك الجيوسياسية والتحولات النقدية، بالإضافة لتحوطات العملات إلى التخلي عن الدولار في جميع أنحاء المنطقة.
وحسب CNBC، التزمت رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) مؤخرًا بتعزيز استخدام العملات المحلية في التجارة والاستثمار، كجزء من خطتها الاستراتيجية للمجموعة الاقتصادية للفترة من 2026 إلى 2030، والتي صدرت مؤخرًا.
وحددت الخطة الجهود المبذولة للحد من الصدمات المرتبطة بتقلبات أسعار الصرف من خلال تعزيز تسويات العملات المحلية وتعزيز ربط المدفوعات الإقليمية.
مخاوف من تقلبات ترامب
وقال فرانشيسكو بيسول، استراتيجي العملات الأجنبية في بنك ING: “إن قرارات ترامب المتقلبة بشأن السياسة التجارية والانخفاض الحاد في قيمة الدولار يُشجعان على الأرجح على التحول السريع نحو العملات الأخرى”.
سعر الدولار اليوم في سوريا الخميس 12 مايو 2025.. الأخضر يرتفع
وعلى الرغم من أن هذا التحول أكثر وضوحًا في آسيا، إلا أن العالم قلّص أيضًا اعتماده على الدولار الأمريكي، حيث انخفضت حصته في احتياطيات النقد الأجنبي العالمية من أكثر من 70% في عام 2000 إلى 57.8% في عام 2024.
وفي الآونة الأخيرة، شهد الدولار الأمريكي أيضًا عمليات بيع حادة هذا العام، وخاصة في أبريل/نيسان، في أعقاب حالة عدم اليقين التي أحاطت بصنع السياسات الأمريكية.
الرواية تغيرت!
ومنذ بداية العام، انخفض مؤشر الدولار بأكثر من 8%، في حين أن تراجع الدولرة ليس ظاهرة جديدة تمامًا، إلا أن الرواية قد تغيرت.
حيث بدأ المستثمرون والمسؤولون يدركون أن الدولار يمكن استخدامه، بل وقد استُخدم بالفعل، كوسيلة ضغط – إن لم يكن سلاحًا صريحًا – في المفاوضات التجارية.
وقد أدى ذلك إلى إعادة تقييم محافظ الدولار الأمريكي، وفقًا لما ذكره ميتول كوتيشا، رئيس قسم استراتيجية العملات الأجنبية والأسواق الناشئة في باركليز في آسيا.
وقال لشبكة CNBC، “تنظر الدول إلى حقيقة أن الدولار كان، ولازال يمكن استخدامه، كنوع من السلاح في التجارة والعقوبات المباشرة، أعتقد أن هذا هو التغيير الحقيقي في الأشهر القليلة الماضية”.
وأكد لين لي، رئيس أبحاث الأسواق العالمية لآسيا في بنك MUFG، أن تراجع الدولرة يتزايد مع سعي الاقتصادات الآسيوية تحديدًا إلى تقليل اعتمادها على الدولار الأمريكي، على أمل استخدام عملاتها كوسيلة للتبادل للحد من مخاطر العملات الأجنبية.
تسارع وتيرة التحول
ويكتسب التخلي عن الدولار زخمًا في رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، مدفوعًا بشكل رئيسي بقوة رئيسية، وهي قيام الأفراد والشركات بتحويل مدخراتهم بالدولار الأمريكي تدريجيًا إلى العملات المحلية، وتحوط كبار المستثمرين للاستثمارات الأجنبية بشكل أكثر نشاطًا، وفقًا لمذكرة حديثة صادرة عن بنك أوف أمريكا.
وقال أبهاي جوبتا، الخبير الاستراتيجي في الدخل الثابت والعملات الأجنبية في البنك: “من المرجح أن يتسارع تراجع الدولرة في رابطة دول جنوب شرق آسيا، وذلك بشكل أساسي من خلال تحويل ودائع العملات الأجنبية المتراكمة منذ عام 2022”.
وإلى جانب رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، عملت دول البريكس، التي تضم الهند والصين، بنشاط على تطوير وترويج نظام دفع خاص بها لتجاوز الأنظمة التقليدية مثل سويفت، وتقليل الاعتماد على الدولار.
كما تعمل الصين على تشجيع التسويات التجارية الثنائية باليوان.
وقال خبير من بنك باركليز إن عملية التخلي عن الدولرة “عملية مستمرة وبطيئة”، وأضاف: ” يتضح ذلك من احتياطيات البنوك المركزية، التي تُقلص تدريجيًا حصة الدولار”.
ويمكن ملاحظة ذلك من حصة الدولار في المعاملات التجارية”، وفقًا لشبكة CNBC.
وأضاف أن الاقتصادات الآسيوية، مثل سنغافورة وكوريا الجنوبية وتايوان وهونغ كونغ والصين، تمتلك حصة كبيرة من الأصول الأجنبية، مما يمنحها أكبر إمكانية لإعادة أرباحها أو أصولها الأجنبية إلى عملاتها المحلية.
فواتير التجارة
ويتفق مع هذا الرأي محلل العملات الأجنبية وأسعار الصرف الآسيوي في ITC Markets، آندي جي، الذي أشار إلى أن الاقتصادات الأكثر اعتمادًا على التجارة ستشهد انخفاضات أكبر في الطلب على الدولار الأمريكي، وخص بالذكر دول رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) ، التي تشمل الصين واليابان وكوريا الجنوبية، إلى جانب الدول العشر الأعضاء في الرابطة.
واعتبارًا من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، كانت أكثر من 80% من فواتير التجارة لدول رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) بالدولار الأمريكي.
ووفقاً لبنك نومورا، يحدث أيضاً تراجع الدولرة مع تزايد تحوّط المستثمرين الآسيويين لمخاطرهم بالدولار الأمريكي.
ويعني تحوّط العملات الأجنبية حماية المستثمر من التقلبات الكبيرة في قيم العملات من خلال تثبيت أسعار الصرف لتجنب الخسائر في حال ضعف الدولار الأمريكي أو ارتفاعه بشكل غير متوقع.
وعندما يتحوّط المستثمرون لمخاطرهم بالدولار، يبيعونه ويشترون عملات محلية أو بديلة، مما يزيد الطلب عليه ويرفع قيمته مقابل الدولار.
هل لا يزال الدولار هو المسيطر؟
ويطرح التحول عن الدولار تساؤلاً حول ما إذا كان هذا تحولاً مؤقتاً أم طويل الأمد.
وفي الوقت الحالي، قد يكون هذا التحول دورياً فحسب، وفقاً لسيدريك شهاب، كبير الاقتصاديين في BMI، الذي أشار إلى أنه لن يكون هيكلياً إلا إذا شددت الولايات المتحدة العقوبات، مما يجعل البنوك المركزية حذرة من الاحتفاظ بكميات كبيرة من الدولارات.
وفي حين أن بعض الدول تُقلل من تعرضها واعتمادها على الدولار، لا يزال من الصعب إزاحة الدولار عن عرش العملة الاحتياطية الأولى، وفقاً لمراقبي الصناعة.
وقال بيسكول:”لا توجد عملة أخرى تتمتع بنفس السيولة وعمق سوق السندات والائتمان التي يتمتع بها الدولار، لذا فإن الأمر يتعلق بانخفاض جاذبيته الاحتياطية، وليس بفقدانه عرشه”.
ومن المهم أيضًا التمييز بين ضعف الدولار الأمريكي وتراجع الدولرة، وفقًا لما ذكره بيتر كينسيلا، الرئيس العالمي لاستراتيجية الفوركس في Union Bancaire Privée.
سعر الدولار في لبنان اليوم الخميس 12 يونيو 2025.. الليرة مستقرة
وقال كينسيلا: “لقد شهدنا ضعف الدولار الأمريكي من قبل على مدار دورات وأنظمة مختلفة، لكنه حافظ دائمًا على مكانته كاحتياطي مهيمن”.
وأضاف أن استخدام الدولار في التجارة والفواتير لا يزال بالغ الأهمية على الرغم من انخفاض التعرض للدولار الأمريكي، فحتى أبريل/نيسان من هذا العام، لا يزال أكثر من نصف التجارة العالمية يُدفع بالدولار.
aXA6IDE1NC43My4yNDkuNDUg