44 عاماً على تأسيس إخوان تونس: عندما يغرق الدم الشموع في الظلام

44 عاما على تأسيس إخوان تونس، فرع الجماعة الذي كتب تاريخه بمداد الدم وبصم محطاته بأجندة مسمومة بثت الفتنة وزرعت الفوضى من أجل السلطة.
سنوات تنساب لتعيد الجماعة إلى نقطة الصفر: قيادات وراء القضبان، مدانة أو متهمة بالإرهاب والفساد والتآمر على أمن تونس، وقواعد متآكلة ومشتتة.
44 سنة مرت منذ تأسيس الجناح السياسي للجماعة في تونس: «النهضة»، الحركة التي يقودها رئيسها الحالي راشد الغنوشي (مسجون)، وكأن التاريخ يعيد نفسه ففي كل مرة تعود قياداتها إلى السجون بعد التفطن لجرائمهم والخطر الذي يمثلونه على الشعب التونسي.
وتستعيد الحركة ذكرى تأسيسها الرابعة والأربعين في يونيو/ حزيران 1981 في ظروف صعبة، حيث لم تغادر مربع السباق السريع نحو السلطة الذي ينتهي ككل مرة إلى صدمة تعيد الحركة إلى السجون بقضايا تآمر وإرهاب.
حدث هذا في سنوات 1986 و1989 و1991 ثم في 2023.
وبمناسبة الذكرى الرابعة والأربعين لتأسيس الحركة، أصدرت الحركة، اليوم الخميس، بيانا تنفي فيه تورطها في الإرهاب.
وزعمت الحركة في بيان لها أنه “لا حياة سياسية بدون الاسلاميين في تونس ولا ديمقراطية حقيقية بدونهم، وأنّ استبعاد النهضة أنتج الدكتاتورية ماضياً، وأنّ استبعادها مستقبلا لن يعيد الديمقراطية الحقيقية”.
«تاريخ ملوث بالدم»
يرى مراقبون للمشهد السياسي في تونس أن حركة النهضة رغم انتهائها سياسيا الا أن اوهامها بالعودة مازالت قائمة.
ويقول المحلل والناشط السياسي التونسي نبيل الغواري إن «حركة النهضة تحتفي بذكرى تأسيسها الرابعة والأربعين من وراء القضبان لتذكر التونسيين بتاريخها الملوث بالدماء».
ويضيف الغواري، في حديث لـ«العين الإخبارية»، أن «الحركة تعود في كل مرة إلى الزنازين بسبب سلوكها الإرهابي الدموي، وهي مورطة في جرائم ارهابية خطيرة مثل الاغتيالات السياسية وقتل المدنيين والعسكريين والأمنيين».
وشدد أن «ادعاءها البراءة هي مجرد أكاذيب وافتراءات لكسب تعاطف التونسيين مجددا».
ولفت إلى أن «عبارة لاحياة سياسية في تونس دون الإسلاميين هي تهديد واضح وصريح وهي بمثابة رقصة الديك المذبوح».
وخلص إلى أن «الحركة فقدت القدرة على مواجهة السلطة في تونس خاصة بعد أن ظهر وجهها الحقيقي الإجرامي أمام الشعب التونسي الذي لفظ هذا الحزب وكرهه».
وبحسب الخبير، فإن «حركة النهضة منذ أن تأسست سنة 1981 لم تكن حزبا سياسيا يؤمن بالدولة التونسية وإنما كانت حزبا يدين بولاءه للإخوان وهمه الوحيد الصعود إلى كرسي الحكم لبسط نفوذه ولتنفيذ مخططاته».
وختم محذرا من أن «الحركة تأمل منذ تأسيسها في الوصول إلى الحكم، وحين وصلت لمبتغاها فشلت في إدارتها للحكم وكان هدفها الأساسي التمكين الإخواني حيث انطلقت في اقتسام الدولة كغنيمة».
«محطات مفخخة»
من جانبه، يعتبر أستاذ التاريخ المعاصر التونسي عبد الله الشخاري أن النهضة تشكلت (سريا) في عام 1969 كحركة دعوية في البداية بقيادة ثلاثة أشخاص فقط وهم راشد الغنوشي؛ أستاذ الفلسفة العائد من سوريا وفرنسا، وعبد الفتاح مورو طالب الحقوق حينها، واِحْمِيدة النيفر أستاذ في التفكير الإسلامي.
وتابع، في حديثه لـ«العين الإخبارية»، أنه «في عام 1972، تم تأسيس “الجماعة الإسلامية” في اجتماع بين 40 قيادي بضواحي العاصمة تونس، وبدأت الحركة في الانتشار إلى أن تم تأسيس حركة “الاتجاه الإسلامي” كجناح طلابي للجماعة الإسلامية.
وأضاف “وفي يونيو/ حزيران 1981، أعلنت الجماعة الإسلامية وجودها العلني في مؤتمر صحفي بمكتب عبد الفتاح مورو وهو ما رفضته السلطات التونسية التي بدأت في ملاحقتها لجماعة الإخوان”.
وأكد أن تاريخ حركة النهضة كان حافلا بالاعتقالات والايقافات بسبب تورطهم في الإرهاب وفي ضرب مدنية الدولة.
وموضحا أنه “في صيف 1981 تم اعتقال العشرات من قيادييها ومنتسبيها وذلك في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، وحُكم بالسجن 11 عاما بحق رئيسها الغنوشي والقيادي صالح كركر، و10 سنوات سجنا بحق مورو، وأحكام مختلفة بحق بقية الأعضاء».
و«إثر أحداث ثورة الخبز في يناير 1984، تم الإفراج على منتسبي حركة الاتجاه الإسلامي في أغسطس/ آب من نفس العام»، بحسب الخبير.
وتابع “وفي عام 1987، تورطت حركة النهضة في أعمال إرهابية وتفجير وعنف واعتقل آلاف المنتسبين إليها وصدرت أحكام بالإعدام بحق قياديين لم يقبض عليهم الأمن مثل حمادي الجبالي وعلي العريض وصالح كركر، وصدر حكم بالسجن المؤبد بحق راشد الغنوشي.
وزاد “وفي وقت لاحق من العام نفسه، أعلنت السلطات التونسية اكتشاف “مجموعة أمنية وعسكرية” تعمل لفائدة حركة النهضة، كانت تنوي إزاحة نظام بورقيبة بالقوة”.
وأضاف “وفي مايو/ أيار 1991، أعلنت السلطات حينها عن إجهاض محاولة انقلابية للنهضة على نظام بن علي، لتواصل وزارة الداخلية حملة اعتقالات واسعة وملاحقات أمنية لأكثر من ألف من قياديي النهضة ومنتسبيها وأدت إلى فرار آخرين إلى الخارج من بينهم راشد الغنوشي الذي فر إلى بريطانيا.
من السجون وإلى السجون
من جهته، قال المحلل السياسي التونسي عبد الرزاق الرايس إن «حركة النهضة الإخوانية فشلت في إدارتها للحكم خلال فترة حكمها منذ سنة 2011 إلى غاية 25 يوليو/ تموز 2021».
ويضيف الرايس، لـ«العين الإخبارية» أن الحركة «أغرقت مؤسسات الدولة ووزاراتها بتعيين جماعتها دون كفاءة إضافة إلى نهبها للقروض والهبات الممنوحة إلى تونس تحت شعار الانتقال الديمقراطي ما تسبب في إفلاس الدولة».
وأكد أن «وجود حركة النهضة في الحكم خرب الدولة من الداخل وها هي حاليا بدأت تتعافى من الإرث الذي خلفته».
وبالنسبة له، فإن «حركة النهضة التي تحتفي بذكرى تأسيسها الرابعة والأربعين انتهت ولا يوجد أي معنى لحديثها عن الاستمرارية في ظل غلق جميع مقراتها الحزبية وسجن معظم قياداتها».
ولفت إلى أن «الشعب التونسي لم يكن يعرف تلك الصورة القبيحة عن حركة النهضة لكن بعد أن خَبِرها جيدا تفطن إلى جرائمها وارهابها».
وشدد على أنه «لا يمكن الحديث عن استمرارية الحركة دون الإمكانات والموارد المالية التي كان يوفرها الغنوشي عن طريق الجمعيات الإرهابية وتجارة الأسلحة والصفقات المشبوهة وتبييض الأموال».
aXA6IDE1NC43My4yNTAuOTIg