اليمن في مجلس الأمن: الحوثيون تهديد يتجاوز الحدود

تصدر القلق الأممي والدولي من خطر مليشيات الحوثي العابر، إحاطات أممية ودولية خلال جلسة مفتوحة لمجلس الأمن، مساء الخميس.
وحملت إحاطات قدمها ممثلي الأمم المتحدة ودول مجلس الأمن واليمن، مليشيات الحوثي المسؤولية الكاملة عن انتهاكاتها بحق اليمنيين بما في ذلك استمرارها في اختطاف موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية.
عجز وقلق أممي
واعترف المبعوث الأممي لليمن هانس غروندبرغ ضمنيا أمام مجلس الأمن بفشل جهوده لإقناع الحوثيين بالإفراج عن موظفي الأمم المتحدة، ودعا أعضاء المجلس إلى “استخدام قنواتكم الدبلوماسية، ونفوذكم، لممارسة أقصى درجات الضغط على مليشيات الحوثي للإفراج غير المشروط عن جميع المعتقلين”.
أذرع الموت.. «العين الإخبارية» ترصد هيكل الحوثي العسكري الموازي
وأشار غروندبرغ إلى أن “البحر الأحمر ظل هادئاً بعد اتفاق وقف الأعمال العدائية بين الولايات المتحدة ومليشيات الحوثي، فيما قامت المليشيات بشن هجمات متعددة في الشهر الماضي على أهداف في إسرائيل، بما في ذلك مطار بن غوريون وردت إسرائيل بضرب ميناء الحديدة وميناء الصليف ومطار صنعاء الدولي، مما أدى لوقف السفر جوا من مناطق الحوثي”.
كما أشار إلى جهوده مع الدول الإقليمية والتي تجمع “على أن التسوية التفاوضية وحدها هي القادرة على حل النزاع في اليمن وتوفير الضمانات التي تحتاجها المنطقة، بما في ذلك البحر الأحمر”.
وأشار إلى أن “دعم المنطقة إلى جانب المجتمع الدولي، سيكون حاسماً في التوصل إلى حل مستدام لليمن”.
وحذر المبعوث الدولي مجدداً من أن “الوقت ليس في صالحنا، لتغير الظروف بسرعة وبشكل لا يمكن التنبؤ به، ولا تزال الجبهات المتعددة في جميع أنحاء اليمن هشة، وتنذر بخطر الانزلاق نحو تجدد الاشتباكات”.
وأوضح أن مأرب، على وجه الخصوص، تعد مصدر قلق في الوقت الحالي، مع ورود تقارير عن تحركات للقوات واندلاع اشتباكات بين الحين والآخر، إلى جانب أنشطة متفرقة في الجبهات الأخرى في محافظات الضالع والحديدة ولحج وتعز.
ودعا غروندبرغ إلى السماح للحكومة اليمنية بتصدير النفط والغاز، وتسهيل تدفق السلع دون عوائق داخل البلاد، مطالبا الأطراف اليمنية بالتخلي عن التوجهات ذات المحصلة الصفرية، والاتجاه نحو البراغماتية والتسوية في الملف الاقتصادي.
كما أعرب عن قلقه من استمرار مليشيات الحوثي “في قمع أصوات المجتمع المدني، وشنها مؤخراً موجة اعتقالات جديدة في صفوف الصحفيين والشخصيات العامة، طالت هذه المرة محافظة الحديدة”.
أمريكا وفرنسا
وحمّلت الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، مليشيات الحوثي “مسؤولية تدهور الأوضاع المعيشية والأمنية في اليمن، بسبب ممارساتهم الترهيبية والاستغلالية للمدنيين وإعاقة عمل المنظمات الإنسانية في مناطق سيطرتهم”.
وكشفت القائمة بأعمال ممثل الولايات المتحدة لدى مجلس الأمن؛ دوروثي شيا، في الجلسة المفتوحة أن آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش (UNVIM) “نجحت الشهر الماضي، في اعتراض 4 حاويات شحن محملة بمواد غير مشروعة كانت متجهة إلى موانئ يسيطر عليها الحوثيون، ما يجعلها أداةً أساسيةً في منع وصول الأسلحة إلى المليشيات”، داعية الدول الأعضاء مجدداً على المساهمة في تمويل هذه الآلية لتمكينها من أداء مهامها على أكمل وجه.
وقالت شيا إن “الحوثيون لا يزالون مستمرين في الاحتجاز “الجائر” لعدد كبير من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والبعثات الدبلوماسية منذ أكثر من عام، وأجبروا بعضهم على الاعتراف بتهم تجسس باطلة، حيث لا يزال يخيم شبح المحاكمات الزائفة وأحكام الإعدام عليهم”.
ودعت إلى “الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين”.
وأشارت الدبلوماسية الأمريكية إلى أن مليشيات الحوثي لا تزال تمثل “تهديداً للسلام والاستقرار الإقليميين، حيث تمتد الأعمال الإرهابية التي ترتكبها إلى جميع أنحاء المنطقة، ومنها هجماتهم شبه اليومية ضد إسرائيل، التي لها الحق في الدفاع عن نفسها، ونقف إلى جانبها ضد كافة الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران”، حسب قولها.
وجددت شيا مطالبتها لمجلس الأمن الدولي بـ”عدم التسامح مع انتهاكات إيران المتكررة لقراراته، وتحديها المستمر لحظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة، عبر مواصلتها تقديم المساعدة والدعم العسكري للحوثيين، والذي لولاه ما كانوا ليتمكنوا من شن الهجمات ضد إسرائيل وتهديد المنطقة”.
وأكدت أن بلادها ستواصل سياسة “فرض جميع العقوبات الممكنة على الأفراد والكيانات المتورطة بدعم الحوثيين، من أجل حرمانهم من الموارد التي تمول شبكتهم الإرهابية”.
من جانبه، حث نائب الممثل الدائم لفرنسا لدى الأمم المتحدة جاي دارمادهيكاري، في كلمته، مجلس الأمن على “مطالبة الحوثيين برفع عوائقهم أمام وصول المساعدات الإنسانية ووقف انتهاكاتهم المتكررة لحقوق الإنسان في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، فالفئات الأكثر ضعفًا، وخاصة النساء والأطفال، هي الضحايا الرئيسية”.
وشدد على ضرورة تمكين مليشيات الحوثي للمنظمات الإنسانية، بما فيها الأمم المتحدة، من العمل بأمان تام، داعيا جميع الأطراف اليمنية إلى ضمان حماية البنية التحتية المدنية والسكان، وفقاً لالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي.
كما شدد على ضرورة وقف “الحوثيين، بدعم من إيران، أنشطتهم المزعزعة للاستقرار في اليمن، وفي البحر الأحمر، وفي الشرق الأوسط عمومًا”، وقال “يجب أن يكون هذا المجلس قادرًا على إدانتهم بصوت واحد ودون لبس”.
وأضاف “نلاحظ عدم تسجيل الأمين العام للأمم المتحدة أي حوادث جديدة في البحر الأحمر، ومع ذلك، يجب على الحوثيين التوقف نهائيًا عن تعطيل حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر”.
وأكدت فرنسا أن “الحل السياسي الشامل وحده كفيل بإنهاء الصراع في اليمن”، داعية إلى إعادة إطلاق عملية سياسية يمنية مشتركة بدعم من الأمم المتحدة والتقدم نحو تحديد خارطة طريق سياسية واقتصادية وأمنية.
خطر بنيوي
وفي هذا الصدد، أعربت الحكومة اليمنية، عن تطلعها للسلام الحقيقي والمستدام القائم على المرجعيات المتفق عليها، وفي مقدمتها قرار مجلس الأمن 2216، مشيرة إلى أن المليشيات رسخت “القناعة بأنها ليست مشروع سلام، وليست مجرد خطر مؤقت وعابر، وإنما تشكّل تهديداً دائماً للسلم والأمن الاقليمي والدولي، وخطراً بنيوياً على اليمن والمنطقة وممرات الملاحة الدولية البحرية”.
وأكد المندوب اليمني الدائم لدى الأمم المتحدة عبدالله السعدي أن “عمليات اختطاف السفن وزراعة الألغام البحرية والقرصنة في البحر الأحمر لم تبدأ في عام 2023، بل كانت نهجاً حوثياً متكرراً منذ سنوات، حتى في ذروة الهدن والمفاوضات”، مستبعدا أن تكون لدى الميليشيات الحوثية وداعميها أي نوايا جادة لتغيير سلوكها التخريبي.
وأشار السعدي إلى أن “المناطق الخاضعة للحوثيين تحولت إلى ساحات للقمع والإرهاب وممارسة أبشع الجرائم والانتهاكات بحق أبناء شعبنا اليمني من قتل واختطافات واعتقالات تعسفية بحق المدنيين، وممارسة شتى أشكال التعذيب الجسدي والنفسي”.
وأشار إلى ما تقوم به الميليشيات من تخزين وتكديس للأسلحة والمتفجرات في قلب المناطق المأهولة بالسكان ووسط منازل الأبرياء في انتهاك صارخ لكل الأعراف والقوانين الدولية، وآخر هذه الجرائم، انفجار مخزن أسلحة تابع للميليشيات في حي سكني في مديرية بني حشيش في صنعاء يوم 22 مايو/أيار 2025، والذي أسفر عن مقتل 60 مدنياً، معظمهم من النساء والأطفال، وإصابة العشرات، وكذلك انفجار آخر في 30 مايو، في مخازن للأسلحة الثقيلة والصواريخ في تعز، أسفر عن قتل واصابة العشرات من المدنيين.
ودعا المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى ممارسة أقصى درجات الضغط على هذه الميليشيات لاحترام القانون الدولي الإنساني، واتخاذ إجراءات صارمة لوقف انتهاكاتها، والإفراج الفوري دون قيد أو شرط عن كافة المختطفين والمحتجزين
وطالب باتخاذ خطوات جادة لنقل مقرات وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية العاملة في اليمن إلى العاصمة المؤقتة عدن، لضمان حماية العاملين في المجال الإنساني والتنموي، وتوفير بيئة عمل آمنة.