هل يمكن محو الذكريات المؤلمة؟.. العلم يقترب من تحقيق خيال السينما

في فيلم Eternal Sunshine of the Spotless Mind، خضع بطل العمل، جيم كاري، لإجراء تجريبي لمسح ذاكرته بهدف نسيان حبيبته السابقة بعد انتهاء علاقتهما، ورغم أن هذه الفكرة بدت أقرب إلى الخيال عند عرض الفيلم عام 2004، إلا أن التقدم العلمي في وقتنا الحاضر جعلنا نقترب فعليًا من إمكانية محو أو التخفيف من أثر الذكريات المؤلمة.
والدكتور جوناثان راسولي، جراح الأعصاب في مستشفى نورثويل ستاتن آيلاند الجامعي، أوضح أن هناك 3 تقنيات متطورة تُستخدم حاليًا لمساعدة المرضى، الذين يعانون من أمراض نفسية مثل الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، وتهدف هذه الأساليب إلى إسكات أو تخفيف تأثير الذكريات الصعبة، وذلك وفقًا لما نشر في نيويورك بوست.
التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة TMS
يُعد هذا الأسلوب علاجًا غير جراحي، يعتمد على استخدام مجالات مغناطيسية، تشبه تلك المستخدمة في التصوير بالرنين المغناطيسين لتحفيز مناطق محددة في الدماغ مسؤولة عن تنظيم الحالة المزاجية.
ووفقًا للدكتور راسولي، يُثبت الجهاز على فروة الرأس، حيث يُرسل نبضات مغناطيسية إلى أماكن محددة في الدماغ، ويُستخدم هذا النوع من العلاج حاليًا لعلاج حالات الاكتئاب المقاوم للأدوية، ويجري حاليًا استكشاف إمكانية استخدامه في التخفيف من الذكريات المؤلمة، والتقليل من آثار الإدمان، والمشاعر السلبية المرتبطة بتجارب الماضي.
ورغم أن هذه التقنية لا تزال في مراحلها التجريبية، إلا أنها تفتح الباب أمام إمكانية إعادة تشكيل طريقة استرجاع الذكريات مستقبلًا، بحيث تصبح أقل ارتباطًا بالألم العاطفي.
التحفيز العميق للدماغ DBS
تُعد هذه التقنية إجراءً جراحيًا دقيقًا، حيث يتم زرع أقطاب كهربائية صغيرة داخل مناطق محددة من الدماغ، وتعمل هذه الأقطاب على إرسال نبضات كهربائية إلى مراكز تتحكم في الحركة وتنظيم المشاعر.
يُستخدم التحفيز العميق حاليًا في علاج حالات مثل مرض باركنسون، الصرع، الوسواس القهري، والاكتئاب الشديد. وتشير بعض الدراسات الأولية إلى أنه قد يُساهم في تخفيف الذكريات العاطفية المؤلمة أو الحد من الاستجابات النفسية السلبية المرتبطة بها.
علاج البروبرانولول
يُستخدم البروبرانولول عادة كدواء لعلاج ارتفاع ضغط الدم، كونه من فئة حاصرات بيتان إلا أن الدراسات الحديثة كشفت عن دوره الفعّال في تخفيف الأثر العاطفي للذكريات الصادمة.
وبحسب الدكتور راسولي، قد يُعد البروبرانولول أقرب تمثيل واقعي لما ظهر في الفيلم من حيث القدرة على “محو الذكريات”، لكن دون إزالتها فعليًا من الدماغ. الذكرى تظل موجودة، إلا أن شدة الاستجابة العاطفية تجاهها تتضاءل بشكل ملحوظ.
وعند تناوله قبل استرجاع حدث صادم، يُساعد هذا الدواء في إعادة تثبيت الذكرى في الدماغ بوزن عاطفي أقل، وهو ما يجعله مفيدًا في علاج حالات مثل اضطراب ما بعد الصدمة، القلق، والرهاب.