دمشق 1977.. عندما رفض حافظ الأسد نسف طائرة السادات: ضميري منعني ( شهادة جديدة )
في نوفمبر 1977 توجه السادات إلى العاصمة السورية دمشق لتكون محطته الأخير في بلاد العرب قبل زيارته للقدس ليلتقي فيها شريك الحرب الذي رفض أن يكون شريكا له ومرافقا على متن طائرة تتجه إلى إسرائيل حيث فشلت كل محاولات الرئيس المصري في إقناع حافظ الأسد بأن يكون معه في الزيارة التي شبهها وزير خارجية أمريكا فيما بعد بأول إنسان على سطح القمر.
كانت تلك الزيارة مفصلية تماما في علاقة الأسد – السادات ومن بعد ذلك العرب والسادات ولقاء عاصف في قصر دمشق كتب للسادات ان يكون بطلا للحرب والسلام ولحافظ الأسد أن يموت وهو ” الرجل الذي لم يوقع “.
في قصر المهاجرين بالعاصمة السورية التقى الأثنان ليكملا حديثا كان قد بدأ هاتفيا في القاهرة بعد خطاب السادات وإعلانه استعداده الذهاب لأخر العالم “إلى بيتهم… إلى آخر مكان في العالم”.
استمر اللقاء ساعات سبع تعالت فيها الأصوات مرات ومرات ووصلت إلى سمع المرافقين للسادات ومنهم وزير خارجية مصر والشخصيات الحاضرة من السوريين.
وجه فيها السادات حديثه للأسد ” اسمع يا أخ حافظ.. لو ثبت أن هذه آخر مهمة أقوم بها كرئيس جمهورية فسوف أقوم بها وأعود لأقدم استقالتي إلى مجلس الشعب في مصر كما ينص الدستور، فأنا مقتنع 100% بإتمام هذه المبادرة”.
وزاد على ذلك “أنا لم آت إلى دمشق كي أتشاجر معك، فلنذهب معا إلى القدس أو إذا لم تكن تستطيع المجيء فأرجوك أن تلتزم الصمت ولا تجابهني بالاستنكار والإدانة، وإذا فشلت فسوف أعترف بأنني كنت مخطئا، وسأقول لشعبي أن يعطيك زمام القيادة”.
في المقابل احتد الأسد “ستكون أخطر نكسة فى التاريخ العربى، وسينجم عنها عدم توازن استراتيجى يجعل إسرائيل تضرب الأقطار العربية التى لا دفاع لها واحدا بعد الآخر، بادئة بلبنان والفلسطينيين ولن تأتى الرحلة بالسلام، بل إنها على العكس ستنفيه وتبعده”.
الصحفى البريطانى باتريك سيل نقل عن الأسد أنه فكر في احتجاز السادات ومنعه من مغادرة العاصمة السورية.
وربما كان هذا التفكير دفع به إلى الأسد من عبد الحليم الذي اقترح الأمر في اجتماع لحزب البعث أثناء الزيارة لكن قوبل برفض من الأسد الذي قال “إن اعتقالنا لرئيس عربي سيكون بالفعل هو الفضيحة القومية التي نخشى من وقوعها”.
ومؤخرا في ذكرى النصف قرن على حربا لبنان الأهلية التي كان حافظ صاحب نصيب الأسد من فصولها ومراحلها المختلفة تحدث الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل في حوار مع غسان شربل كشف فيه عن رواية أخرى لتفكير السوريين في التعامل مع السادات بعد كشفه عن نيته.
يروى الجميل أن حافظ الأسد أخبره وكأنه يهدده هو بما اقترح عليه شخصيات سورية قريبة من دائرة الحكم أثناء وجوده السادات في دمشق حيث اقترحوا عليه نسف الطائرة التي ستقل السادات في رحلة العودة إلى القاهرة.
صارح الأسد أمين الجميل أن ضميره منعه من الموافقة على هذا الاقتراح ولم يرضى أن يكون مسؤولا عن إنهاء حياة رئيسا لدولة عربية بهذه الطريقة.
لكن الجميل يستذكر أيضا أن الأسد بدا وكأنه نادم على عدم الاقدام على تلك الخطوة التي ربما كانت لتمنع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل.