الوقفة الحتمية
كتب المؤرخ المصري ميلاد حنا كتابه “الأعمدة السبعة للشخصية المصرية” في عام 1989، متحدثا عن مكونات الشخصية المصرية من حيث الزمان والمكان وكيفية تأثرها بالحضارات المختلفة التي مرت عبر الزمان مقسمًا الشخصية المصرية إلى سبعة أعمدة تحمل سبعة أبعاد مختلفة هم:-
– البُعد الفرعوني
– البُعد الإغريقي
– البُعد الروماني
– البُعد القبطي
– البُعد الإسلامي
– البُعد الإفريقي
– البُعد العربي
وقد أكَّد من خلال كتابه القَّيم أن هذه المكونات تتوحد چينيًا بالمصري بنِسب مختلفة؛ وعَل هذه المكونات تتفاعل وتتأثر وفقًا للأحداث التي تمر على الوطن فعلى الرغم من تدين هذا الشعب بالفطرة وميله الدائم إلى الدين إلا أنه انتقض رافضًا لفكرة الإسلام السياسي، تلك التجربة المؤسفة التي مررنا بها بين عامي 2012 و2013 في ثورة 30 يونيه – أبهرت العالم وغيرت خريطة وخطط الجميع المحاكة ضد مصر.
الغريب في هذه الشخصية الفريدة أنه رغم كل ما تعرضت له مصر من استعمار واحتلال لم تتأثر أبدا بثقافة أو لغة أو قل ما تشاء من مخلفات الاستعماريين والمحتلين وما أكثرها وما أكثرهم !!، بل على النقيض فقد كان تأثير المصريين وأثرهم أكثر بمراحل؛ لذلك وجدت نفسي أسترجع كتابا كنت قد قرأته في عام 2010 لعالم الاقتصاد والأكاديمي الشهير الدكتور جلال أمين بعنوان “ماذا حدث للمصريين” تناول من خلاله التاريخ الاجتماعي للمصريين ورصد حراكهم وفقًا لما يدور حولهم من أحداث ومؤثرات؛ أخذت تطبق نظريات الكتاب وتعقد مقارنات بين شعب يعد الأقدم في التاريخ والحضارات وبين ما طفح الآن على سطح المجتمع وأصبح واقعا مريرا نعيشه وتعيشه الأجيال المتلاحقة من فرنجة طبقة ومن هوس ديني لطبقة أخرى وجهل شبابي يصاحبه عناد وعنف وهجوم في إبداء آراء ومواقف ساذجة وبين طرنشات فنون المهرجانات والتيك توك ونماذجها التي اكتسبت ثراءًا فاحشا في أكبر دليل لسيطرتها على آذان وعقول الأغلبية!! وبين ملابس مشاهير أقرب إلى عبدة الأوثان منها إلى الموضة مع طفيف من حلقان الرجال وخلاخيلهم أحيانا!! ولا أستطيع نقل باقي الصورة في مقال فهي تحتاج إلى مجلدات!!
حقا ماذا حدث للمصريين !!؟ وماذا سيحدث إذا لم نواجه تلك الظواهر التي طرأت على الشخصية منذ منتصف السبعينيات وظلت تستشري حتى أصبحت وحش كاسر يأكل الأخضر واليابس ويطمس هوية الشخصية المصرية الفريدة لتسيطر عقول ومظاهر كلها متناقضة على ذمام الأمور؛ هل من وقفة؟! هل من تكتل وتكاتف واسع الأفق يواكب رؤية الدولة المصرية في 2030 !؟ أم أن كل منا سيقوم في واديه بدور يتصور أنه الحل؟!