بعد جدل تصريحات سعد الهلالي.. كيف يرى الشرع كتابة الأب تركته لبناته حال حياته؟

بعد جدل تصريحات سعد الهلالي.. كيف يرى الشرع كتابة الأب تركته لبناته حال حياته؟

أثارت تصريحات الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، تساؤلات عدة حول قضية الميراث، ومن بينها حكم كتابة الأب تركته لأولاده حال حياته خاصة لو كانوا إناث، وهل هذا حلال أو حرام أم يعد تحايلا على الشرع.

وقال الدكتور سيف رجب قزامل، أستاذ الفقه المقارن والعميد السابق لكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر بطنطا، إنه لا مانع أن يكتب الأب حال حياته لبعض بناته أو الأولاد بعض الأموال أو يخص البعض ببعض الأموال لسبب معين.

وأضاف خلال حديثه لـ القاهرة 24:  لسبب معين كالتعليم مثلا أو مريض أو يحتاج للمال، فلا مانع في ذلك وفي النهاية هو مسؤول عن المساواة بينهم، فطالب الطب خلاف خريج الآداب خلاف خريج الحقوق، ومن ثم لا نستطيع أن تقول حرام، ويجب التسوية والعدالة بين الأولاد.

حكم حرمان الورثة من التركة

وتابع: أحيانا الأب لم يزرق إلا ببنت وله أخ أو ابن أخ أو غيرهم ولهم ميراث فحرام عليه منعهم من الميراث لو قصد بذلك حرمان هؤلاء، كمثلا لسبب وجود مشكلة بينهم؛ لأنه في هذا الحالة سيكون ارتكب جريمة كبيرة؛ لأن الله سبحانه وتعالى هو من وضع المواريث، وهو من قال بعقوبة عظيمة لمن خالف ذلك.

وواصل: الإنسان لا يعلم مصلحته فوارد ابن أخوه هذا هو من يحمي بناته ويقف معهم، مردفا: ومن يحرم أحدا من ميراثه؛ فإن الله سيحرمه من ميراثه في الجنة لو النية الحرمان.

واختتم: الإنسان يمكن أن يكتب جزء حال حياته لبناته ويترك حاجة عامة ليرث فيها من يستحق الميراث.

مخالف للعقيدة

من جهته يرى الدكتور سالم عبدالجليل أحد علماء الأزهر الشريف، أن الأصل المقرر شرعًا أن المال ينتقل بعد الموت من ملك المُوَرِّث إلى ملك ورثته الأحياء وقت وفاته.

وتابع في تصريحات لـ القاهرة 24: فعن سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يَتْبَعُ المَيِّتَ ثَلاَثَةٌ، فَيَرْجِعُ اثْنَانِ وَيَبْقَى مَعَهُ وَاحِدٌ: يَتْبَعُهُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ، فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَيَبْقَى عَمَلُهُ». أخرجه الإمام البخاري في “صحيحه”.

وأكمل: حذرنا المولى سبحانه وتعالى من التلاعب فيما شرعه من حدود وفرائض؛ نحو تعمد حرمان أو تأخير إعطاء أحد الورثة ما يستحقه من ميراث؛ فقال سبحانه: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [النساء: 13].

وأردف: وبذلك فحرمان أحد من الورثة من إرثه في مورثه أو التحايل له، أو فِعْلُ ما يتسبب فيه: أمرٌ محظورٌ شرعًا ومخالف للعقيدة. 

  

عباس شومان: حرمان الورثة من التركة باطل

وقال الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، إن القول بأن الإنسان حر في حياته بتقسيم أمواله دون التقيد بنظام المواريث، حيث يمكنه كتابة أمواله لبناته حتى لا ينازعهن أعمامهن باطل لا دليل عليه.

وكتب عبر حسابه على فيسبوك: القول بأن قسمة الميراث حق مغالطة، فهي حق في جهة الورثة، يمكن للوارث وحدهم التنازل عنه أو بعضه، أما تمكينهم من أنصبتهم كما وردت في كتاب الله ففرض بنص كتاب الله ليس من حق أحد تغييره.

وأضاف: يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيۤ أَوْلَٰدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنْثَيَيْن …فَرِيضَةً مِّنَ ٱللَّهِ.. } فقسمة الميراث بالكيفية المذكورة فريضة لايملك بشر تغييرها، ويحق لصاحب الفرض دون سواه التنازل عنه أو بعضه كالديون.

يجب تقسيم الورث كما أمر الشرع

وردت الدكتورة إلهام شاهين أستاذ العقيدة والفلسفة المساعد بجامعة الأزهر والأمين المساعد لمجمع البحوث الإسلامية لشؤون الواعظات، على منشور شومان قائلة: (ماله) يعني له الحرية الكاملة في التصرف فيه كله حال حياته كما شاء بالخير أو بالشر، ومحاسبته على عمله ونيته عند الله، وإذا كان له الحرية في التبرع بماله كله والتصدق به حال حياته فما الذي يمنعه من كتابته تبرعا لبناته وتوزيعه عليهن ولكن الأفضل أن يترك لورثته ما يغنيهم، وهناك فرق بين هذا وبين الميراث والوصية التي تكون في الميراث.

وتابعت: فالوصية تنفذ في الميراث والميراث أصبح ملكا للورثة يوزع كما أمر الشرع، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما لأصحابه: أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله؟ قالوا: يا رسول الله ما منا أحد إلا ماله أحب إليه، قال: فإن ماله ما قدم ومال وارثه ما أخر.

وواصلت: الأمر يحتاج لمزيد من التوضيح للتفرقة بين الهبة العطية والوصية والصدقة والميراث.