السياحة المسؤولة في مصر.. لما يكون حبك لبلدك واضح في خطواتك
في كل مرة أزور فيها موقع أثري في مصر، أحس إني واقف قدام عمر مش مجرد أثر، معبد أو شارع أو حتى بلكونة في بيت قديم… كل تفصيلة بتحكي حكاية.. بس وسط الجمال ده، ساعات تلاقي زائر بيرمي زبالة، أو طفل بيكتب اسمه على تمثال، وساعتها السؤال بيجي تلقائي؛ إحنا فعلًا جايين نستمتع ولا جايين نستهلك؟
السياحة المسؤولة مش رفاهية ولا موضة، دي أسلوب حياة، معناها إننا نزور وننبهر ونفرح، بس من غير ما نسيب أثر سلبي، نزور كأن المكان ده بتاعنا… لأن الحقيقة هو فعلًا بتاعنا.
مصر مش كتالوج صور… البحر الأحمر مش مجرد خلفية سيلفي، دي روح بتتنفس، وسيوة مش بس مكان نتصور فيه، دي أهل، وتاريخ، وثقافة، وأكل بيتطبخ من قلب.. والمتحف مش مجرد جولة، ده فرصة نفهم نفسنا.
لما نمشي في خان الخليلي، أو نركب مركب في الأقصر، أو نزور دير في سينا.. كل حاجة بتقولنا: حافظ عليّا، شيلني زي ما شِلتك، اشتري من الراجل اللي بيبيع من إنتاج إيده، مش من السلسلة الكبيرة اللي واخدة كل حاجة، واحترم الإرشادات، مش علشان القانون، لكن علشان ضميرك.
خلينا نبص للسياحة على إنها مشاركة.. مش مجرد استهلاك، كل جنيه بندفعه في مكان محلي هو دعم لعيلة، وكل صورة نتصورها من غير ما نأذي المشهد هي رسالة احترام، وكل طفل نعلّمه ما يلمسش تمثال، بنبني بيه وعي جديد.
الرقم القياسي اللي حققته مصر في 2024 بوصول 15.78 مليون سائح، مش بس نجاح.. ده تحدي، التحدي الحقيقي مش في جذب السائح، بل في الحفاظ على المكان اللي جاي عشانه، وكل ما زاد عدد الزوار، زادت مسؤوليتنا كمصريين نكون قدّ الصورة اللي بنحلم بلدنا تكون عليها، مصر مش مجرد مكان نزوره ونرجع، دي حكاية بنعيشها ونسيب فيها أثر، ومع كل سائح جديد بيزور بلدنا، بيكبر الدور علينا إننا نكون قدّ المسؤولية.
السياحة المسؤولة مش بس سلوك راقٍ، دي رسالة حب صامتة بنكتبها في تفاصيل زي احترام معلم، أو شراء من بائع بسيط، أو الحفاظ على شجرة في واحة. ولو كل واحد فينا بدأ الرحلة دي من جواه، هنقدر نحافظ على روح البلد، ونقدم للعالم تجربة مش بس جميلة.. لكن إنسانية، محترمة، وأصيلة، لأن ببساطة؛ اللي بيحب مصر، بيصونها.. حتى وهو بيستمتع بيها.