تغيّر حقيقي أم قناع جديد؟.. تصريحات أحمد الشرع وزيارة الكونجرس تثير تساؤلات بشأن تحول سوريا

أثارت التصريحات الأخيرة للرئيس السوري أحمد الشرع خلال لقائه مع عضو الكونجرس الأمريكي مارلين ستوتزمان، التي زارت سوريا مؤخرًا، اهتمامًا بالغًا في الأوساط السياسية والإعلامية الإسرائيلية والإقليمية.
وفتحت هذه التصريحات الباب لتساؤلات جوهرية حول ما إذا كانت تعكس تحولًا استراتيجيًا حقيقيًا في موقف الشرع، أم أنها مجرد محاولة تكتيكية لتحسين صورته ونفوذه في ظل التغيرات المتسارعة في المنطقة.
لقاء غير مسبوق ومطالب واقعية نسبيًا
وخلال اللقاء، تحدث الشرع بلغة سياسية اتسمت بالاعتدال النسبي، مطالبًا بـ انسحاب القوات، الإسرائيلية من الجانب السوري من الجولان، ووقف القصف الإسرائيلي داخل الأراضي السورية.
المثير للانتباه أن هذه المطالب على الرغم من حساسيتها، وُصفت من قبل بعض المراقبين بأنها واقعية نسبيًا، خاصة في ضوء تعليق دان فيفرمان، رئيس مجلس إدارة منظمة شراكة المعنية بدعم السلام بين إسرائيل ودول اتفاقيات إبراهيم، الذي تساءل قائلا: لا أعلم هل تغيّر الشرع فعلًا أم فقط يرتدي حُلّة مختلفة؟ لكن ما أعلمه هو أن نظرتنا للعالم تتغير مع النضج، وإذا لم تستغل إسرائيل والولايات المتحدة هذه اللحظة، فقد نخسر لصالح إيران وروسيا.
تساؤلات حول الدوافع: مناورة أم تحول حقيقي؟
وفي ورقة تقدير موقف صادرة عن مركز رصد للدراسات السياسية والاستراتيجية في لندن، طُرح التساؤل الأهم: هل تغيّر أحمد الشرع بالفعل؟ أم أن ما نشهده هو محاولة براغماتية لإعادة التموضع السياسي في ظل تحولات إقليمية ودولية؟.
وعلى الرغم من أن الشرع كان يُعد في السابق من أبرز الوجوه القيادية في التنظيمات الجهادية المسلحة، إلا أن ظهوره الأخير في صورة محاور سياسي يطالب بـ وقف القصف وانسحاب تدريجي، يمكن فهمه في سياق محاولة لفتح قنوات حوار مع الغرب، خاصة مع وجود مؤشرات على تراجع نفوذ إيران في سوريا، والضغوط الروسية نحو التهدئة في المنطقة الجنوبية.
غياب التعليق الرسمي وتساؤلات حول التنسيق الداخلي
في المقابل، يثير عدم صدور أي تعليق رسمي من الحكومة السورية حول زيارة عضوة الكونجرس ستوتزمان، أو حتى حول زيارة ما يقرب من 600 رجل دين درزي من دمشق والسويداء إلى إسرائيل، تساؤلات حول مدى التنسيق الداخلي في سوريا، والتباين المحتمل بين مراكز القرار، خاصة بين السلطة المركزية والفاعلين العسكريين والسياسيين المحليين.
ويرى بعض المراقبين، بمن فيهم فيفرمان، أن التوقيت الحالي يمثل فرصة نادرة لإعادة رسم دور سوريا في المنطقة، عبر بوابة اتفاقيات إبراهيم التي تسعى الولايات المتحدة لترسيخها كشبكة نفوذ واستقرار جديدة في الشرق الأوسط؛ إلا أن غياب رؤية إسرائيلية واضحة تجاه هذه التطورات، بالإضافة إلى التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية الإسرائيلي التي ترفض أي انفتاح سياسي، قد يعيق هذا المسار قبل أن يبدأ.
وفي الوقت نفسه، تواجه المطالب التي طرحها الشرع مخاوف أمنية إسرائيلية مشروعة، تتعلق بالحفاظ على المنشآت العسكرية الحساسة في الجنوب السوري، ومنع أي فراغ قد تستغله إيران أو حزب الله لإعادة تنظيم صفوفهما.
توصيات وتحذيرات من مركز رصد للدراسات
خلصت الورقة البحثية لمركز رصد إلى عدد من التوصيات، مؤكدة أن تصريحات الشرع الأخيرة تمثل تحولًا في الخطاب، ولكن ليس بالضرورة في النوايا، مما يستدعي التعامل معها بواقعية استراتيجية وتجنب الانبهار أو الشك المطلق.
كما أشارت الورقة إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة تقفان أمام فرصة ضيقة لتحييد بعض الجبهات وإعادة صياغة دور سوريا في معادلات المنطقة.
وأكدت الورقة أن زيارة ستوتزمان، بغض النظر عن نتائجها المباشرة، قد كسرت حالة العزلة الأمريكية عن سوريا، وقد تكون مقدمة لمزيد من الانفتاح السياسي غير التقليدي.