قبل زيارة ترامب للشرق الأوسط.. هل وصلت إسرائيل إلى طريق مسدود؟

قبل زيارة ترامب للشرق الأوسط.. هل وصلت إسرائيل إلى طريق مسدود؟

في أقل من شهرين فقط، شهدت الساحة الإقليمية سلسلة من التحركات السياسية اللافتة، جاءت في أعقاب زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى الدوحة، وما تبعها من زيارة الأمير تميم بن حمد آل ثاني إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

تحركات كشفت عن أن المنطقة مقبلة على إعادة تموضع واسعة في علاقات القوى، لا سيما مع اقتراب زيارة الرئيس الأمريكي السابق والمرشح المحتمل دونالد ترامب إلى المنطقة منتصف الشهر المقبل.

الحدث الأبرز الذي ألقى بظلاله على المشهد كان زيارة رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي إلى الدوحة، في توقيت متزامن تقريبًا مع زيارة وفد رفيع من حركة حماس إلى القاهرة.

هذه الزيارات المتقابلة، وإن اختلفت وجهتها، عكست مساعٍ حثيثة للبحث عن مخارج للأزمة المستعصية، خصوصًا مع تصاعد التوترات حول غزة وتعثر جهود الوساطات.

في هذا السياق، جاءت تصريحات ترامب الداعمة لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة لتزيد الضغط السياسي على الحكومة الإسرائيلية، وتمنح الأطراف الإقليمية المتحفزة دورًا أكبر في صياغة المرحلة المقبلة.

الموقف الأمريكي الجديد، وإن حمل نبرة إنسانية، يعكس إدراكًا بأن استمرار التصعيد دون أفق للحل قد ينسف مصالح واشنطن وحلفائها في المنطقة، ويعطي مزيدًا من المساحات للخصوم الإقليميين.

الموقف المصر

وسط هذه التعقيدات، حافظت مصر على سياسة متوازنة تقوم على ضبط الإيقاع الإقليمي وتجنب الانجرار إلى استقطابات حادة. 

القاهرة، التي استضافت وفد حماس على أراضيها، عززت موقعها كوسيط رئيسي في معادلة غزة، مستندة إلى شبكة علاقات واسعة مع كافة الأطراف.

قنوات الاتصال المفتوحة عززت الالتزام المصري الثابت بدعم الحقوق الفلسطينية ورفض التصعيد العسكري غير المحسوب.

التحركات المصرية تعكس استراتيجية واضحة، منها الحفاظ على استقرار حدودها الشرقية، منع انزلاق الوضع إلى مواجهة إقليمية أوسع.

تركز القاهرة على مواصلة تفعيل مسار التسوية عبر أدوات الضغط السياسي والميداني دون إثارة مواجهات علنية. 

مصر لعبت دورًا محوريًا في تنسيق الرسائل الإقليمية والدولية، مستفيدة من متانة علاقاتها مع واشنطن، والدور الجديد الذي بدأ يتشكل لقطر في هذا الملف المعقد.

مأزق إسرائيل

في المقابل، تبدو الحكومة الإسرائيلية، التي تعاني من انقسامات داخلية وضغوط خارجية متزايدة، وكأنها وصلت إلى طريق مسدود. 

لا القدرة على الحسم العسكري متوفرة دون كلفة باهظة، ولا المناورة السياسية تحقق مكاسب واضحة. هكذا الحال في إسرائيل.

ومع تراجع الدعم الدولي النسبي واستفحال الانتقادات في بعض العواصم الغربية، تجد تل أبيب نفسها مضطرة للتعامل مع معادلات جديدة تشكلها الأطراف العربية الفاعلة ببطء ولكن بثبات.

الأنظار الآن تتجه إلى زيارة ترامب المنتظرة، والتي قد تحمل تغييرات جوهرية في معادلة الضغط على إسرائيل، وتفتح الباب أمام ترتيبات سياسية غير مسبوقة في الملف الفلسطيني، وبينما تزداد التكهنات، تبقى القاهرة مركز الثقل الذي يتحرك بصمت ولكن بثقة وسط كل هذه العواصف.