بلطجة اقتصادية

بلطجة اقتصادية

في عام 1945 انتصرت الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب العالمية الثانية وخرجت أغلب دول العالم ما بين مدمرة أو مهزومة، استغلت الولايات المتحدة الظروف في ذلك الوقت لبناء نظام اقتصادي جديد تكون هي الدولة المهيمنة على الاقتصاد العالمي ويكون الدولار العملة الرسمية في التعامل بين الدول في التجارة، ولديها ثقافة وعقيدة صارمة بأن دول العالم يجب أن تشعر بالامتنان المستمر والدائم للولايات المتحدة المنقذة لها من براثن الحرب، حتى أصبح الاقتصاد العالمي في قبضة الولايات المتحدة الأمريكية وفي الاتجاه الذي يتماشى مع مصلحتها دون النظر لمصلحة أي دولة في العالم، كما رأت أن عصر الحروب العسكرية مكلِف وغير مجدي فتوجهت نحو البلطجة الاقتصادية.

صور من البلطجة الاقتصادية الأمريكية

 كانت أول بلطجة للسيادة على الاقتصاد العالمي والتي تعرف بـ صدمة نيكسون، والتي ألغت التزام الولايات المتحدة الأمريكية بالتحويل من الدولار إلى الذهب، وكانت اشبه بتبديد الأمانة، ومن صور البلطجة الاقتصادية طرح ترامب فكرة السيطرة على جرينلاند مرارًا وتكرارًا وهي جزيرة تتبع سيادة دولة الدنمارك، ومن البلطجة الاقتصادية احتكار تجارة السلاح، حيث تُدرك الإدارة الأمريكية أن من يتحكم في تجارة السلاح على مستوى العالم يمكنه ليس فقط تحصيل أموالًا كبيرة للخزانة الأمريكية، وإنما التأثير في صناعة القرار الدولي، والسيطرة على الثروات في دول العالم ومنها السيطرة على إنتاج القمح، ومن صور البلطجة الاقتصادية أيضا الحصول على المعادن الأرضية النادرة في مقابل المساعدة الأمريكية العسكرية ضد حربها على روسيا، من صور البلطجة انتظار قرارات رفع أو تخفيض الفائدة فلا صوت يعلو فوق صوت الفيدرالي الأمريكي.

التاجر السياسي 

لم يمر على ولاية الرئيس دونالد ترامب مائة يوم وفرض رسوم جمركية على الصين 125% قامت الصين بالرد بالمثل – البلطجة الاقتصادية – وفرضت رسوم جمركية 125% على البضائع الأمريكية، وهدد الرئيس دونالد ترامب بالمزيد من الإجراءات العقابية والبلطجة الاقتصادية على كثير من دول العالم، تارة برفع الرسم الجمركية وتارة بالتهديد باحتلالها ومعهم المؤسسات المصرفية الاستثمارية، حتى وصل الأمر إلى التصريح بشكل علني بـ احتلال واستخدام القوة العسكرية حتى الجار والحليف دولة كندا، لم تسلم أيضا من البلطجة الاقتصادية للولايات المتحدة بعد عرض فكرة ضم كندا كولاية أمريكية، ومن صور البلطجة الأخيرة الذي يمارسها (التاجر السياسي) دونالد ترامب عندما صرح بأنه ينبغي السماح للسفن العسكرية والتجارية التابعة للولايات المتحدة بالمرور عبر قناتي السويس وبنما دون دفع أي رسوم، دون اعتبارات قانونية أو أخلاقية لهذه التصريحات الغريبة وهي أغبى  بلطجة اقتصادية.

 تمارس الولايات المتحدة الأمريكية البلطجة الاقتصادية بفضل ما تملكه من أدوات قوة اقتصادية ونقدية، فهي صاحب الاقتصاد الأقوى في العالم، والعملة الأقوى فقوة الدولار تعني قدرة الشركات الأمريكية على الدخول بسهولة في التجارة الدولية، وكذلك قدرة المستثمرين الأجانب على الثقة في الأصول الأمريكية، لا يضر هذا التصعيد والبلطجة الاقتصادية دول بعينها، بل يهدد بانهيار سلاسل التوريد العالمية، ورفع نسب البطالة، ويدفع التجارة الدولية نحو الركود التضخمي وهو (النوع الأسوأ) والحل هو وضع خطط للتُوازن بين حماية الاقتصاد الأمريكي والحفاظ على الاستقرار العالمي.