نتنياهو يُقحم إسرائيل في حرب بلا نهاية.. وتحذيرات من داخل المؤسسة العسكرية

نتنياهو يُقحم إسرائيل في حرب بلا نهاية.. وتحذيرات من داخل المؤسسة العسكرية

تصريحات اللواء احتياط يسرائيل زيف تكشف عن تصدع واضح داخل المنظومة العسكرية الإسرائيلية بشأن مسار الحرب الحالية في غزة، وتسلّط الضوء على أزمة استراتيجية أعمق مما يبدو في ظاهر المشهد.

وعندما يصف جنرال بحجم زيف، وهو من المحسوبين على تيار المركز الأمني، الجولة الجديدة بأنها حرب نتنياهو الثانية، فإن ذلك يتجاوز مجرد الاختلاف في التقدير العسكري، ليصل إلى حد التشكيك في دوافع القيادة السياسية ذاتها.

تآكل مبررات الحرب

بحسب زيف، فإن الجولة الحالية لا تحمل هدفًا حقيقيًا يمكن الدفاع عنه، لقد خاضت إسرائيل بالفعل، وفقًا لتعبيره، حربًا شاملة على غزة، دمّرت البنية التحتية، وأوقعت آلاف القتلى، ولكن دون أن تنجح في تحقيق الأهداف الجوهرية، وعلى رأسها ملف الأسرى.

من هنا، فإن الإصرار على الدخول في جولة جديدة يبدو في نظره عبثًا، بل مخاطرة مجانية، خصوصًا في ظل غياب توافق سياسي وعسكري واضح بشأن الجدوى والنتائج.

استغلال سياسي خطير

التحليل الأعمق لكلام زيف يكمن في الربط بين توقيت الحرب واحتياجات نتنياهو السياسية، وهو ما يُعد اتهامًا مباشرًا باستخدام الجيش كأداة لخدمة أجندة انتخابية. فنتنياهو، كما يقول، يسعى إلى خلق صورة -نصر رمزي- يتماشى مع خطابه الداخلي، ويعوّض إخفاقاته السياسية، حتى لو كان الثمن هو الزج بالدولة نحو حرب مفتوحة النهايات.

توريط المؤسسة العسكرية

يشير زيف إلى خطورة انخراط رئيس الأركان إيال زمير في هذا المسار، معتبرًا أن الأخير تخلى عن مهمة إعادة تأهيل الجيش بعد معركة طويلة وشاقة، وبدلًا من تقييم الواقع ببرود، وقع في فخ المقارنة مع سلفه، مقتنعًا بإمكانية تحقيق نتيجة مختلفة. 

غير أن زيف يلفت إلى أن ما يجري هو تكرار مأساوي، لكنه هذه المرة دون حوافز حقيقية أو استراتيجية خروج.

تداعيات إقليمية ودعائية

من أخطر ما نبه إليه زيف، أن هذا المسار يمنح حماس فرصة جديدة للتموضع كـ قوة إقليمية، صمدت في وجه إسرائيل، ما يعزز مكانتها أمام جمهورها وأمام الرأي العام العربي والدولي، ويُفقد إسرائيل سردية التفوق، التي لطالما روّجت لها. إنه بمثابة انقلاب دعائي، يتعارض تمامًا مع مخرجات الحرب المفترضة، ويُفشل أي مكاسب ميدانية.

سيناريوهات قادمة

إذا مضت الحكومة الإسرائيلية في هذا النهج، فإن الجولة المقبلة قد تتحول إلى مستنقع استنزاف طويل، يعمّق الانقسام الداخلي، ويزيد من هشاشة الثقة بين المؤسسة السياسية والعسكرية. بل وقد يؤدي إلى موجة استقالات أو انتقادات علنية من جنرالات آخرين، ما سيُظهر هشاشة الجبهة الداخلية، ويمنح خصوم إسرائيل ورقة ضغط جديدة.

تحذير اللواء زيف ليس مجرد قراءة عسكرية، بل جرس إنذار مبكر من داخل المؤسسة الإسرائيلية نفسها، وهو دعوة لكبح التهور السياسي، وإعادة تعريف -النصر- وفق معايير استراتيجية، لا شعبوية، لأن الاستمرار في توظيف الحرب لحسابات حزبية سيُفضي، كما قال، إلى القضاء على ما تبقى من إنجازات، دون أن يحقق لإسرائيل لا الأمن ولا الاستقرار.