قانون الإيجارات.. اسأل جدك

غالبية المُلّاك الذين يطالبون الآن بتعديل قانون الإيجارات هم في الحقيقة أحفاد الورثة، وهذه نقطة مبدئية يجب أن نبدأ منها مناقشة هذا الموضوع من زاوية أخرى وهي حق المستأجر وحق الامتداد كما نص عليه القانون بموجب حكم المحكمة الدستورية العليا.
لماذا يدعي المالك الآن المظلومية وحين قام بتأجير شقة لمستأجر حصل منه على خلو يوازي ثمن الشقة حينها؟ بل أيضا دفع المستأجر ثمن دخول المرافق والإصلاحات والصيانات الشهرية في حين كان المالك مدعوما من الحكومة في مواد البناء وخلافه؟، لماذا يبحث الآن عن طرده دون وجه حق وهو غير مخالف للقانون سواء كان المستأجر حيا يرزق أو وريثا شرعيا له حق الامتداد القانوني ولماذا لا يتم تعويضه عما تم دفعه بسعر اليوم ليتمكن من إيجاد سكن مناسب!!؟
ومن هذا المنطلق أطرح عليكم عدة أسئلة منطقية يجب مراجعتها أولا قبل مناقشة قوانين أو إصدار تشريعات تمس استقرار السواد الأعظم من الشعب المصري:
اسأل جدك، الذي شيّد هذا المنزل أو تلك العمارة: كم تقاضى من “خلو” عند تأجير كل شقة؟ ثم اسأله عن قيمة الإيجار التي لا تعجبكم اليوم، والتي كانت في ذلك الوقت تُعادل نحو ثُلث دخل المستأجر الذي تريدون اليوم طرده من منزله.
اسأله أيضًا: كم دفع مقابل الأرض التي بنى عليها؟ وهل اشتراها فعلًا، أم استولى عليها بوضع اليد ثم قام لاحقًا بتقنين الوضع من خلال السكان الذين تريدون إخراجهم الآن؟
اسأله عن تكلفة طن الإسمنت والحديد حينها، وهل راعى ضميره في البناء، أم بنى دون أعمدة حقيقية، فاضطر السكان لاحقًا إلى تنفيذ أعمال تدعيم لكي يعيشوا بأمان؟
واسأله عن “الخلو” الذي أخذه: هل كان بمثابة دفعة مقدّمة من الإيجار، أم أنه كان نتيجة استغلال حاجة المستأجر، الذي تنازل عن جزء من حقه مقابل الحصول على أبسط حقوقه الإنسانية، وهو السكن؟
تاريخيًا، كان كثير من المُلّاك يتمنون أن تنهار العمارات فوق رؤوس ساكنيها، كي يحصلوا على الأرض “فضاء”، ليُعيدوا بناءها وبيعها كوحدات تمليك وتحقيق ثروة جديدة على حساب أرواح الأبرياء.
لذلك، من الأَولى بمجلس النواب والحكومة الموقّرة مراجعة قانون الإيجار الجديد، ووضع ضوابط تحمي المواطنين، خاصة من الأجانب – وعلى وجه التحديد السودانيين – فالقانون الحالي جعل الشباب غير قادرين على العيش، إذ يُنفقون معظم رواتبهم على السكن، وبعد عام أو اثنين يُطردون منه.
قد يرضيك أن يأتي أجنبي ويدفع آلاف الجنيهات في الإيجار، ويغادر ليأتي غيره يدفع أكثر، لكن الشاب المصري – في نظر القانون – لم يعد من المهم أن يسكن أو يتزوج، فالمهم هو المال… المال فقط.