الحوار قبل المشروع

كانت المناقشات التي جرت على مدار الأيام الماضية في اللجنة البرلمانية التي شكلها مجلس النواب لمناقشة مشروع قانون الإيجار القديم كاشفة لمدى الأزمة التي تأجلت سنوات تباطأت الحكومة خلالها في تقديم المشروع وكأنها كانت تتفادى هذا الجدل الذي كان متوقعًا والرفض الشرس من طرفي الأزمة المستأجرين والملاك الأقل حدة في الرفض.
كان حديث الحكومة طوال الأشهر الماضية واعدًا بأن الفصل التشريعي الحالي لن ينتهي إلا بتقديم مشروع قانون لمجلس النواب بشأن الأزمة المستعصية على الحل وجاء حكم المحكمة الدستورية لازمًا لها بالتدخل ولازمًا للمشرع أيضًا.
كان من بين وعود الحكومة حوار مجتمعي بين مختلف الأطراف المستأجرين والملاك وخبراء القانون والتشريع قبل التقدم بالمشروع لمجلس النواب وهو الأمر الذي لو تم لتفادينا نصيب كبير من الأزمة الحالية التي وصلت إلى حد التلويح بالخروج للشارع حال استمرار المناقشات على القانون الحالي.
لم يتم الحوار، وهبط القانون على مجلس النواب من السماء وتفاجأ النواب بإعلان المستشار حنفي الجبالي وصول القانون إلى المجلس الأسبوع الماضي وتحديد موعد لبدء المناقشات وسط تكتم على مضمون المشروع ووعد رئيس المجلس بإجراء حوار خلال المناقشات مع مختلف الأطراف.
محصلة التشريعات الأخيرة التي تقدمت بها الحكومة لمجلس النواب من قانون الرياضة إلى الإيجار القديم وحتى قانون تنظيم الفتوى تكشف تؤكد أن الحكومة أمام حاجة ملحة إلى إعادة النظر في مفهوم الحوار لديها وأن إشراك الأطراف المعنية بكل قانون سيمنحها الفرصة للخروج بمشروع متوازن.
فلو أن أندية كرة القدم والاتحادات الرياضية والمؤسسات المعنية بالرياضة المصرية شاركت مع الحكومة في حوار واضح حول تعديل قانون الرياضة كانت ستتفادى معه الأزمة مع مجالس إدارة الأندية والاتحادات التي فوجئ أغلبها بأن القانون سيقصيه من المشهد الرياضي.
ولو أن المؤسسات الدينية من الأزهر والإفتاء ووزارة الأوقاف التقت على طاولة واحدة من أجل الحوار حول مشروع قانون تنظيم الفتوى قبل وصوله إلى مجلس النواب كنا سنتفادى الخلاف الذي ظهر بين مؤسساتنا الدينية قبل التوصل إلى حلول وتفاهمات.
تحتاج الحكومة لفتح الحوار قبل وضع النصوص فالتوافق حول المبادئ والأسس التي يوضع من خلالها النصوص التشريعية سيؤدي إلى تفادي كل هذا الجدل مع كل قانون يقدم لمجلس النواب، وهي سلسلة متواصل من المسؤولية الطبية والإجراءات الجنائية وقوانين أخرى آخرها وأكثرها جدلًا الإيجار القديم.