نيران لا تنطفئ.. الهند وباكستان على خط المواجهة من جديد

قبيل ساعات معدودات من انتصاف ليل الثلاثاء، فوجئ العالم بهجوم للجيش الهندي وقصفه لعدة مواقع في جامو وكشمير بباكستان، وذلك بعد أيام من الحرب الكلامية والتلاسن بين مسؤوليين من الهند وباكستان، وتصاعد وتيرة التوترات بين الجارتين النوويتن في شبه القارة الهندية.
الحرب بين الهند وباكستان
استهداف 9 مواقع في جامو وكشمير، كانت كفلية بإشعال فتيل الحرب بين دلهي وإسلام آباد، ضمن العملية “سيندور”، بحسب ما أسماها الجيش الهندي، والذي أعلن بأنه أطلق عملية لاستهداف البنية التحتية للإرهاب في المنطقتين السابقتين، وأنه لم يستهدف أي منشآت عسكرية باكستانية.
ووصف الجيش الهندي، ضرباته الـ 9 على تلك المواقع الباكستانية بأنها ضربات “دقيقة” على معسكرات إرهابيين،مضيفا بأن تحركاته كانت مركّزة ومحسوبة ولا تنطوي على تصعيد.
دقائق معدوات، وجاء الرد قويا ولا يحتمل أي مواربة من إسلام آباد، حيث أكد الجيش الباكستاني، بأن الهند هاجمت 3 مواقع بالصواريخ.. وأنه سيتم الرد على الهجمات الهندية في الوقت والمكان الذي نحدده.
اشتعلت أوار الحرب بين الجارتين، وطوال تلك الساعات القليلة تبادل الجيشان القصف المكثف وإطلاق النيران عبر حدودهما في كشمير المتنازع عليها في ثلاثة أماكن على الأقل، واستعرت المعارك الجوية بين المقاتلات وهو ما تسبب في تدمير 5 طائرات حربية هندية من طراز سوخوي ورافال، وفقا لما أعلنه الجيش الباكستاني.
بداية الأزمة بين الهند وباكستان
في الـ 22 من شهر أبريل الماضي، وبينما كان المئات من الزائرين والسياح المحليين يستمتعون بالطبيعة الخلابة في منطقة معروفة بجمال الطبيعة في الجزء الخاضع لإدارة الهند من إقليم كشمير ببلدة باهالغام، والتي يتم وصفها بأنها “سويسرا الهند”، فوجئوا بإطلاق نار من مسلحين وهو ما تسبب في مقتل العشرات من الهندوس وإصابة كثيرين.
تسبب الحادث وطوال 14 يوما من الحرب الكلامية والتلاسن بين مسؤوليين من الهند وباكستان، وتصاعد وتيرة التوترات بين الجارتين النوويتن في شبه القارة الهندية، خاصة بعدما دلهي إسلام أباد بأنها تقف وراء الحادث، وهو ما نفته الأخيرة عن وجود أي تورط لها، ودعا رئيس الوزراء شهباز شريف إلى إجراء تحقيق شفاف وموثوق ومحايد في الهجوم. كما حثّ الولايات المتحدة على حثّ الهند على “تخفيف حدة خطابها والتصرف بمسؤولية”.
وخلال تلك الأيام، صعدّت الهند من حدة المواقف تجاه جارتها من خلال غلق تدفق المياه عبر فتحات السدود وتعليق العمل بمعاهدةً تُنظّم تقاسم مياه نهر السند وروافده، وإغلاق مجالهما الجوي أمام طائرات كل منهما، وكذلك إغلاق الدولتان الحدود البرية المفتوحة الوحيدة بينهما، وتعليق العمل بتأشيرات جنوب آسيا الخاصة التي كانت تمكن الناس من السفر بينهما، أعلن كل من البلدين أن مستشاري الدفاع في البعثات الدبلوماسية في نيودلهي وإسلام آباد أشخاص غير مرغوب فيهم، وخفضا عدد سفاراتهما.
تاريخ الصراع والحرب بين الجارتين الهند والباكستان
انطلقت شرارة الحرب الأولى بين الجارتين، في أغسطس1947، بعد أو ولدت الدولتان بوقت قصير من تنازل بريطانيا عن السيطرة الاستعمارية على شبه القارة الهندية، وبعد أشهر دخلت الدولتان الجديدتان في حرب من أجل السيطرة على إقليم كشمير الخلاب الواقع في جبال الهيمالايا، واستمر القتال لأشهر، حتى تدخلت الأمم المتحدة لوضع خط لوقف إطلاق النار عام ١٩٤٩، مما ترك لكلا البلدين سيطرة على جزء من الإقليم، ولا يزال كل منهما يطالب بالمنطقة بأكملها.
وفي إطار سعيها للسيطرة على كشمير، عبرت القوات الباكستانية إلى الجزء الهندي من المنطقة المتنازع عليها، عام 1965، ردًا على ذلك شنت الهند توغلًا عسكريًا عبر الحدود، وامتد القتال خارج كشمير إلى العديد من المناطق الحدودية المستقرة، وشهدت معارك ضارية شاركت فيها القوات البرية والجوية.
في عام الـ 1971، خاضت الدولتان المتجاورتان حربهما الثالثة على الجناح الشرقي لباكستان، حيث كانت المجموعات الإقليمية تسعى إلى الاستقلال عن الحكومة الفيدرالية، وقد لقي آلاف الأشخاص حتفهم في الصراع، الذي انتهى بمساعدة الهند للمنطقة على الانفصال، وإنشاء دولة بنغلاديش المستقلة.
واندلعت عام 1999 مواجهة بين البلدين في منطقة كارجيل المرتفعة بعد تسلل قوات باكستانية إلى الجزء الخاضع لإدارة الهند من كشمير، ويعد هذا أول اشتباك منذ حصول كل منهما رسميًا على القدرة على امتلاك أسلحة نووية، مما زاد من مخاطر اندلاع حرب كارثية، وتكبد الجانبان مئات الضحايا قبل أن تستعيد القوات الهندية المنطقة، ويوقف التدخل الدولي القتال.
واقتحم مسلحون عام 2016، قاعدة عسكرية هندية في منطقة أوري في كشمير، وهو ما دفع الهند لتنفيذ ضربات على منصات إطلاق مزعومة لمسلحين إسلاميين في الأراضي الباكستانية، وحينها قالت إسلام آباد إنه لم يكن هناك أي توغل هندي في أراضيها، ولم يكن هناك أي رد انتقامي من قبل القوات الباكستانية.
وفي عام 2019، نفذت الهند ضربات جوية على ما قالت إنه معسكر تدريب للمسلحين بالقرب من بلدة بالاكوت الباكستانية ردا على تفجير سيارة مفخخة في منطقة بولواما بكشمير، وردت باكستان، بشن توغلًا انتقاميًا في المجال الجوي الهندي أدى إلى اشتباك جوي بين القوات الجوية من الجانبين، ما أدى إلى أسر طيار هندي.