الاندماج الإعلامي وتأثيره على المحتوى الرقمي.. منح درجة الدكتوراه للباحث أحمد جعفر بجامعة سوهاج

الاندماج الإعلامي وتأثيره على المحتوى الرقمي.. منح درجة الدكتوراه للباحث أحمد جعفر بجامعة سوهاج

شهدت كلية الآداب بجامعة سوهاج، اليوم الأربعاء الموافق السابع من مايو 2025، مناقشة علنية لرسالة دكتوراه تقدم بها الباحث أحمد جعفر أحمد محمد، المدرس المساعد بقسم الإعلام بالكلية.

ونال الباحث درجة الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى، مع توصية قيمة من لجنة الحكم والمناقشة بطبع الرسالة على نفقة الجامعة وتداولها بين الجامعات والمؤسسات الأكاديمية والإعلامية والصحفية، وذلك لأهميتها العلمية وإسهامها المتميز في مجال دراسات الإعلام الرقمي.

عنوان الدراسة وأعضاء لجنة الإشراف والمناقشة

وأشرف على الرسالة كل من الدكتور حلمي محمود محمد أحمد، أستاذ الصحافة الإلكترونية والعميد السابق لكلية الإعلام بجامعة قنا، والمساعد الدكتور صابر حارس محمد، أستاذ الصحافة المساعد المتفرغ بقسم الإعلام بكلية الآداب بجامعة سوهاج.

وضمت لجنة الحكم والمناقشة قامات علمية مرموقة، ترأسها الدكتور حلمي محمود محمد أحمد (مشرفًا ورئيسًا)، وعضوية كل من الدكتورة فاطمة الزهراء صالح أحمد، أستاذ الإذاعة ورئيس قسم الإعلام بكلية الآداب جامعة سوهاج (مناقشًا)، والدكتورة أسماء محمد مصطفى علي عزام، أستاذ الصحافة ورئيس قسم الصحافة بكلية الإعلام جامعة قنا (مناقشًا)، بالإضافة إلى الأستاذ المساعد الدكتور صابر حارس محمد (مشرفًا).

الدراسة التكاملية: إطار ومنظور لفهم الاندماج الإعلامي

وتبنت الدراسة مدخلًا تحليليًا أساسيًا يُعرف بـ “الدراسة التكاملية” (Integrated Study) لفهم ظاهرة الاندماج الإعلامي المعقدة ومتعددة الأوجه.  

يرتكز هذا المدخل على أن الظواهر الإعلامية المعقدة لا يمكن فهمها بعمق إلا من خلال تحليل العملية الاتصالية ككل متكامل ومترابط، رافضًا النظرة الجزئية التي تتناول جانبًا واحدًا بمعزل عن تفاعلاته مع الجوانب الأخرى.

وتم توظيف هذه المنهجية التكاملية عبر كافة مراحل الدراسة، بدءًا من بناء الإطار المفاهيمي ومراجعة الأدبيات، مرورًا بصياغة أهمية وأهداف وتساؤلات الدراسة، وتصميم أدوات جمع بيانات متنوعة ومتكاملة (كمية وكيفية)، وتصميم مجتمع وعينات الدراسة لتغطية كافة عناصر العملية الاتصالية الأربعة (المؤسسة/الوسيلة، الصحفي/القائم بالاتصال، المحتوى/الرسالة، الجمهور/المستقبل)، وصولًا إلى تحليل النتائج وتفسيرها بشكل يربط بين المخرجات المختلفة، وانتهاءً بصياغة توصيات ونماذج تطبيقية شاملة.

أهداف الدراسة ومنهجيتها وعيناتها

وسعت الدراسة إلى تحليل وفهم الأبعاد المتعددة لتأثير ظاهرة الاندماج الإعلامي على منظومة إنتاج واستهلاك المحتوى الرقمي في المؤسسات الصحفية المصرية.

وتحقق ذلك من خلال استقصاء تأثيرات هذا الاندماج على كل من القائم بالاتصال (الصحفيين)، والرسالة (المحتوى الرقمي)، والوسيلة (المنصات الصحفية)، والمستقبل (الجمهور)، واعتمدت الدراسة على منهج المسح بأشكاله المختلفة (مسح المؤسسات الإعلامية، مسح المحتوى، مسح القائم بالاتصال، مسح الممارسات الإعلامية، مسح الجمهور)، والمنهج المقارن، والمنهج المختلط (كمي وكيفي).  

وشملت عينة الدراسة أربع مؤسسات صحفية مصرية هي “اليوم السابع”، “المصري اليوم”، “الأهرام”، و”الوفد”، بالإضافة إلى عينة من المحتوى الرقمي الذي أنتجته هذه المؤسسات، وعينة عمدية من 40 صحفيًا من هذه المؤسسات، وعينة حصصية من 400 مفردة من الجمهور المصري.  

وتم جمع البيانات باستخدام أدوات متنوعة شملت صحيفة الاستبيان للجمهور، والمقابلات شبه المقننة مع الصحفيين، وأدوات تحليل المحتوى الرقمي والمنصات ومقياس شدة الاندماج الإعلامي، بالإضافة إلى الملاحظة، وذلك خلال الفترة الزمنية الممتدة من مارس 2024 إلى يناير 2025.

أبرز نتائج الدراسة وتأثيرات الاندماج الإعلامي

كشفت الدراسة عن مجموعة من النتائج الهامة حول تأثير الاندماج الإعلامي على مختلف عناصر العملية الاتصالية في المشهد الصحفي المصري: على مستوى المحتوى الرقمي (الرسالة): أظهر التحليل هيمنة المحتوى النصي والصوري، مع صعود ملحوظ وتنوع في محتوى الفيديو، وبروز لأشكال المحتوى الرقمي الأصيل مثل الإنفوجرافيك والفيديوجرافيك، ومع ذلك، لوحظ تبنٍ غير متكافئ وضعف في استغلال العديد من أشكال المحتوى الرقمي الواعدة، والتركيز على إعادة الاستخدام أكثر من التكييف العميق للمحتوى ليناسب طبيعة كل منصة، وجودة إنتاجية متذبذبة أحيانًا، ومحدودية في المحتوى التفاعلي الحقيقي. 
  
على مستوى اندماج المؤسسات الصحفية (الوسيلة): كشف مقياس شدة الاندماج عن تبني المؤسسات الرائدة لاستراتيجية تعدد المنصات، والحفاظ على هوية بصرية مؤسسية متسقة، وكفاءة عالية في إعادة استخدام المحتوى، وتحقيق تكامل وظيفي وتشغيلي أساسي.  لكنه أبرز أيضًا وجود فجوة رقمية مؤسسية واسعة، وعدم انتظام الحضور الرقمي أحيانًا، وسطحية التكامل التقني، ومحدودية تمايز المحتوى، والفشل في تحقيق “الاندماج الكامل” بسبب غياب تبني التقنيات الحديثة وتخصيص تجربة المستخدم، وقيود الموارد.   

 

على مستوى الصحفيين القائم بالاتصال: أدت بيئة الاندماج إلى تطور أدوار الصحفيين وبروز مفهوم “الصحفي الشامل” متعدد المهارات، واكتسابهم للمهارات الرقمية، وتعزيز أدوات جمع المعلومات والنشر (خاصة الهاتف المحمول)، وتحسين آليات التنسيق (بشكل متفاوت)، وفهم أعمق للجمهور، واستكشاف لإمكانات الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة.  إلا أنهم واجهوا تحديات كبيرة مثل معضلة السرعة مقابل الدقة، وزيادة عبء العمل، وفجوة المهارات وصعوبة المواكبة المستمرة للتطور التقني، ومحدودية الموارد وتدني الأجور في بعض الحالات، والتحديات المرتبطة بسياسات المنصات والخوارزميات، بالإضافة إلى المخاوف من تأثير الذكاء الاصطناعي على المهنة والمعوقات المؤسسية والثقافية.    

على مستوى الجمهور (المستقبل): أظهر استبيان الجمهور شعورًا بالرضا لتنوع الخيارات والمصادر المتاحة، وتبني سلوك “الانتقائية” في اختيار المصادر، وإدراكًا واسعًا لأهمية تكامل الوسائط في تعزيز الفهم، وهيمنة الاستهلاك الرقمي المنتظم للمحتوى الصحفي، والتنقل الواعي بين المنصات لتلبية احتياجات متنوعة، مع التمسك بالمصداقية كأولوية قصوى، وتفضيل واضح للمحتوى المرئي والمختصر والملبي للاهتمامات الشخصية.  لكن الجمهور عبر أيضًا عن القلق من انتشار الأخبار الكاذبة، والشعور بالارتباك والإرهاق المعلوماتي، وهيمنة نمط الاستهلاك الخاطف، ومحدودية التفاعل الحقيقي، وهيمنة منصات التواصل الاجتماعي كمصادر رئيسية للمحتوى، مع أهمية ثانوية (حالية) لميزات التخصيص والتفاعل المتقدم.    

واختتمت الدراسة بتقديم نتائج عامة، وتحليل SWOT للمؤسسات الصحفية المصرية في سياق الاندماج، بالإضافة إلى مجموعة من التوصيات الموجهة لمختلف الفاعلين في المنظومة الإعلامية، ونماذج تطبيقية مقترحة لتعزيز ممارسات الاندماج الإعلامي بشكل فعال.