حقي وحقك

• خلال الأسبوع اللي فات كان فيه سلسلة من المواقف الشخصية أو اللي حصلت مع ناس أعرفهم أو حتى اللي سمعت عنها من بعيد لبعيد وكلهم بيندرجوا تحت عنوان واحد!.. فكرة “الحق”.. حد ضاع منه شيء ما هو في الأصل حقه وطريقة تعامله مع حالة ضياع الحق دي.. هل وقف مكانه واستنى القدر يجيبهوله بدون أي مجهود؟.. هل حاول يدافع عنه ويسترده ونجح؟.. ولا هل حاول وفشل؟

 البداية كانت بموقف شخصي حصل معايا لما قررت أوقف التعاون مع شخص بيدّعي إنه مهندس كان مسؤول عن تشطيب شقة خاصة بيا!.. رغم اتفاقنا في بداية التعاون في شهر مارس 2024 إن التشطيب هياخد كحد أقصى 3 شهور إلا إنه لحد دلوقتي مايو 2025 ماخلصش.. والسبب؟.. حجج وظروف مش بتنتهي.. مرة تعبان.. مرة العمال عندهم مشاكل.. مرة مش في المود.. ومرة تجر مرة تجر مرة بقت النتيجة 14 شهر ولسه الشقة ماخلصتش.

 للأسف جزء كبير من التهاون اللي حصل كان سببه أنا؛ بسبب ثقتي اللا متناهية في المهندس ده، وإني كنت بستجيب لحججه بدون فرملة مني وحسم.. جايز إنشغالي في شغلي الخاص يكون حجة ليا أنا كمان، تبرر التساهل اللي حصل معاه لكن الحقيقة إن لأ.. الواقع بيقول إن أنا كنت شريك معاه في العك اللي حصل ولازم أتحمل نتيجة ده.. أنهيت الاتفاق معاه، وسعيت اتفق مع مهندس تاني جديد وأنا مركز ومقرر إني أكون أكتر حذر عشان اللي حصل ما يتكررش.. فوجئت إن الـ 3 مهندسين اللي تواصلت معاهم كلهم مصممين إن يكون فيه عقد بيني وبينهم.. عقد مُلزم ليهم قبل ما يكون مُلزم ليا!.. عقد بيلزمهم يسلموا الشغل في الوقت الفلاني وفيه شرط جزائي في حالة عدم الالتزام منهم بالمكتوب في العقد!.. واللي أكدلي إن ده هو الطبيعي والعرف اللي كل الناس ماشية بيه هو إن الـ 3 ورغم إنهم مايعرفوش بعض صمموا على وجود عقد، ففهمت إن هو ده الصح وإن اللي كنت بتعامل معاه قبل كده مش مهندس ولا يمت للمهنة دي بصلة لا خُلقًا ولا مهنيًا ولا أمانةً.. دلوقتي بقيت مطالب بعد ما استقريت على المهندس الجديد اللي هخليه يعمل الشغل إني أدفع مبلغ مقارب للي أدفع قبل كده على الفاضي لكن ورغم الخسارة المادية وخسارة الوقت فالدرس المهم والوحيد اللي اتعلمته من الموقف ده هو إن حقك قابل للنهب في أي لحظة لو عينك مش مفتحة، وذهنك مش صاحي، وتساهلك مالوش حدود.

• مريم شابة مصرية جميلة.. فقدت بصرها لكن بصيرة قلبها وروحها مالهاش حدود.. كتلة من التحدي والأمل والشجاعة مفيش زيهم في الزمن ده.. اتعرضت مريم لموقف صعب وسخيف شوية وهو إنها استقبلت مكالمة من مكالمات النصب اللي بيدعوا إنهم تابعين للبنك المركزي ويطلبوا من اللي بيكلموه بيانات بطاقته الائتمانية أو بطاقة حسابه البنكي عشان يسحبوا منها كل الرصيد اللي فيها بحجة إنهم بيعملوا تحديث بيانات.. موقف بايخ بقاله سنين منتشر للأسف ومع الوقت والتكرار بقينا كلنا منتبهين ونادر لما تلاقي حد بيستجيب ليهم لما بيكلموه.. لكن مريم وعشان هي حسنة النية وقلبها أبيض تعاملت مع الأمر ببساطة وسلاسة وقالت للي بيكلمها كل البيانات اللي هو سألها عنها!.. يمكن كمان اللي زود طمأنية مريم إن مفيش حاجة غلط إن الشخص ده قال لها اسمها رباعي وآخر 4 أرقام من بطاقتها!

 بعد ما انتهت المكالمة بثواني اكتشفت مريم الكارثة اللي حصلت، وهي إن النصاب الضلالي ده سحب كل رصيدها البنكي اللي هي حاطة فيه كل الفلوس اللي تخصها هي ووالدتها وأختها.. صدمة قاسية وفي منتهى العنف على البنت.. هنا الإنسان بيبقى قدام خيار من اتنين.. يا إما يقف مكانه ويندب حظه ويحط إيده على خده ويولول.. يا إما يسعى ويتحرك ويحاول يجيب حقه.. مريم قررت تعمل التصرف التاني من خلال اتجاهين منفصلين.. أولًا قدمت بلاغ بالواقعة، وثانيًا عملت فيديو شرحت فيه الأمر بالتفصيل ورفعته عندها على صفحتها الشخصية على فيسبوك.. والنتيجة؟.. البلاغ اتحرك، والفيديو كمان انتشر وفي خلال أقل من 48 ساعة قدر رجالة الشرطة المصرية كعادتهم إنهم يقبضوا على الجناة بمنتهى السرعة وفلوس مريم رجعت الحمد لله.

ربنا كرمني وكنت واحد من الناس اللي كتبوا عن الواقعة في لحظتها ثم بعد رجوع الفلوس.. جاتلي رسالة على الإنبوكس من سيدة محترمة اسمها “ن”.. حكت لي موقف مرت بيه شبيه بموقف مريم وطلبت مني إني أكتب عن قصتها هي كمان لعل وعسى فلوسها ترجع.. سألتها: عملتي بلاغ؟.. قالتلي لأ.. سألتها: كتبتي الموقف على فيسبوك؟.. قالتلي لأ ما هو حضرتك اللي هتكتب عندك!.. هنا حصل لي ارتباك في عقلي ووضحت لها إن البداية لازم تكون منها هي قبل ما تنتظرها من غيرها.. بمعنى.. قدمي بلاغ للشرطة.. ثم اكتبي قصتك عندك على السوشيال ميديا عشان الناس تتفاعل والموضوع ينتشر.. ثم بعد كده انتظري النتيجة.. لكن النتيجة اللي بدون سعى دي عمرها ما هتيجي لا هي ولا الحق اللي إنتي عايزاه.. السيدة التزمت باللي طلبته منها وفي خلال أقل من 24 ساعة فلوسها هي كمان رجعت!.

• طول عمري مقتنع إن الحق دايمًا شيء متشاف ومعروف مكانه بدون أي شك لكن في نفس الوقت هو مش هيتحرك من مكانه ده ويجيلك وأنت كمان ثابت مكانك!.. الحقوق بيتم السعى ليها مش انتظارها.. مش هينولها غير حد حارب عشانها.. حقك مش هيجيلك لو مدافعتش عنه.. نصيبك مش هتطوله لو معملتش مجهود.. نجاحك مش هتلمسه بدون سعى.. الذوق، والندب، والاعتماد على الغير، وحططان الإيد على الخد، وقلة الحيلة لا بيحطوا لقمة في بُق، ولا بيجيبوا حقوق، ولا بيحسنوا وضع.

وسوم: