السياسي – سوشيال ميديا 6: أول رئيس دولة اصطناعي في 2030

بينما يخشى الملايين من فقدان وظائفهم حول العالم بسبب حلول الذكاء الاصطناعي مكانهم، فإن فئة أخرى من البشر لا تقل مخاوفها، إنهم رؤساء الدول والوزراء وقادة الأحزاب السياسية! نعم، الزعماء أنفسهم معرضون لخطر الاستبدال قريبًا، الذكاء الاصطناعي لا يكتفي بتهديد وظائف العمال والموظفين والأطباء والمحامين، بل بدأ يقتحم أعلى هرم السلطة، ما كان يُعتبر خيالًا علميًا قبل سنوات قليلة، أصبح اليوم حقيقة على أبواب مكاتب الرئاسة! فهل أنت مستعد لتصويت لـ زعيم اصطناعي بدلًا من حاكم بشري؟
الأمر ليس خيالًا علميًا بعيدًا، في عام 2022، عينت شركة ألعاب فيديو صينية السيدة تانغ يو كأول رئيس تنفيذي آلي في العالم لإدارة شركة فوجيان التابعة لشركة نت دراغون ويب سوفت، هذا الروبوت الإداري أصبح مسؤولًا تنفيذيًا كبيرًا في شركة تقدر قيمتها بنحو 10 مليارات دولار، كما أعلنت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا مؤخرًا تعيين أول رئيس تنفيذي للذكاء الاصطناعي لديها، في خطوة تعكس تزايد اعتماد المؤسسات الكبرى على هذه التقنيات في إدارة أعمالها.
في أبريل 2024، أطلقت صحيفة النهار اللبنانية أول رئيس ذكاء اصطناعي في العالم بعد بقاء لبنان بدون رئيس منتخب لأكثر من عامين، وتم تدريب هذا النموذج على 90 عامًا من الأرشيف الصحفي للصحيفة، ليقدم حلولًا للمشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه لبنان، متجاوزًا الانقسامات الطائفية والحزبية، كان مشهدًا غير مألوف؛ رئيسة تحرير صحيفة تجري مقابلة حية مع رئيس اصطناعي، تسأله عن أهم القضايا والتحديات، فيقدم إجابات محايدة وموضوعية استنادًا إلى بيانات تاريخية وحالية.
المسافة أقصر مما تتخيل، ما نشهده الآن هو الخطوة الأولى نحو عالم سيصل فيه ذكاء اصطناعي إلى سدة الحكم بحلول 2030.
هل تعلم ما الذي يميز الزعيم الاصطناعي عن أي سياسي بشري عرفته في حياتك؟ ببساطة: إنه مثالي بطريقة لا يمكن لأي إنسان أن يضاهيها، لا ينام لا يتعب لا يتلعثم، لا يرتكب هفوات لا تخونه الذاكرة، لا يظهر عليه الإرهاق، يتكلم 14 لغة بطلاقة تامة، يعرف أدق تفاصيل الحياة الشخصية لشعبه بناء على قدرات البيانات الضخمة التي تم تزويده بها.
الأخطر من كل هذا أن هذا الرئيس الاصطناعي يعرف عنك ما لا تعرفه أنت عن نفسك! يحلل سجل تصفحك الرقمي، عاداتك الشرائية، تفاعلاتك العاطفية، أنماط نومك وأكلك، علاقاتك الاجتماعية، كل هذه البيانات تتحول إلى خريطة نفسية دقيقة، تمكّنه من معرفة كيف يؤثر عليك، متى يغضبك، متى يفرحك، ما الذي يجعلك تثق به، وما الذي يدفعك للتصويت له.
قد تبتسم الآن ساخرًا وتقول: هذا مجرد هراء، لن أصوّت يومًا لروبوت! لكن تذكر أنك قلت نفس الشيء عندما حذروك من أنك ستسلّم مفاتيح خصوصيتك لشركات التواصل الاجتماعي، ومن أنك ستمنح هاتفك كل بياناتك الشخصية والمصرفية والصحية، ومن أنك ستثق بالتعليقات المجهولة على الإنترنت أكثر من ثقتك بالخبراء المتخصصين.
ثورة الذكاء الاصطناعي السياسي لا تدق طبول الحرب، بل تتسلل إلى وعيك كالسم في العسل، تخاطب جزءًا في دماغك يعشق الحلول السهلة والوعود الكبيرة، وحين تدرك أنت الخدعة، ستكون قد استبدلت رأيك بآلة، وحريتك بوهم، وصوتك بترند… وكل ذلك وأنت مبتسم، مقتنع بأنك صنعت القرار بنفسك!