علي جمعة: الإسلام ليس دين قتال، وكل غزوات النبي شهدت مقتل 1000 من كلا الجانبين.

أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي الجمهورية الأسبق، أن الإسلام دين سلام في جوهره، وأن اختزال السيرة النبوية في الغزوات يعد تبسيطًا مخلًا لا يعكس حقيقة الرسالة المحمدية، مشيرًا إلى أن المواجهات العسكرية التي خاضها النبي محمد ﷺ جاءت دفاعًا لا عدوانًا، وكانت محدودة في الزمن والتأثير.
الإسلام ليس دين حرب وكل غزوات النبي مات فيها 1000 من الطرفين
وقال جمعة، خلال تصريحات تلفزيونية، إن المغازي النبوية لا تمثل سوى جزء يسير من سيرة النبي ﷺ، إذ وقعت خلال السنوات العشر الأخيرة من عمر الدعوة، ولم تشهد معظمها قتالًا، مضيفًا أن الاشتباكات الفعلية وقعت في سبع معارك فقط، وسقط خلالها نحو ألف قتيل من الطرفين، وهو رقم متواضع مقارنة بالحروب الحديثة، بل وأقل مما تخلفه حوادث الطرق في مدن كبرى مثل باريس خلال عام واحد.
وشدد على أن النبي ﷺ لم يكن ساعيًا للحرب، بل كان حريصًا على حقن الدماء، مستشهدًا بآيات من القرآن الكريم تؤكد ميل الإسلام للسلم، مثل: “وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا”، و*”لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ”*، موضحًا أن اسم “الإسلام” مشتق من السلام، وتحيتُه السلام، ومقاصده قائمة على الرحمة والعفو، لا العنف والصدام.
وأشار جمعة إلى أن المغازي، وإن كانت تمثل المحطات الأصعب في السيرة، فإنها أظهرت أرقى صور التنظيم والرحمة في التعامل مع الأسرى والجرحى والمدنيين، وهو ما انعكس لاحقًا في مبادئ القانون الدولي الإنساني، وقال: “الإسلام علّم البشرية كيف تُدار الحروب بأخلاق، لا كيف تُشعل”.
وتابع: “النبي ﷺ كان في قلب الأحداث، ومع ذلك ظل متوازنًا رحيمًا منضبطًا، وهذه معجزة بحد ذاتها ودليل على أن القرآن من عند الله”، مضيفًا أن كل شبهة تُثار ضد الإسلام تتحول، حين تُدرس بعلم وموضوعية، إلى دليل جديد على عظمة هذا الدين.
وأوضح مفتي الجمهورية الأسبق أن تسمية بعض كتب السيرة بـ”المغازي” لا تعني اقتصارها على المعارك، بل هي مصطلح لغوي يعكس شدة المرحلة، مشيرًا إلى أن المؤرخ محمد بن إسحاق عنوَن كتابه بـ”المبدأ والمبعث والمغازي”، أي أن الغزوات لم تكن إلا جزءًا من كل.
وختم جمعة حديثه بالتأكيد على أن السيرة النبوية تمثل مشروعًا إنسانيًا وأخلاقيًا متكاملًا، وأن الأمة بحاجة إلى قراءة شاملة لها لفهم الإسلام كما بلّغه نبي الرحمة، لا كما تصوره بعض حملات التشويه أو القراءات القاصرة.