مبتكر لتعديل الحمض النووي: إنقاذ حياة طفل يعاني من مرض وراثي نادر بواسطة العلاج الجيني

في إنجاز طبي غير مسبوق، تمكّن الأطباء من إنقاذ حياة طفل أمريكي وُلد بمرض وراثي نادر قاتل، باستخدام علاج جيني تجريبي صُمم خصيصًا لتصحيح خطأ دقيق في حمضه النووي، وذلك وفقًا لما نشر في مجلة New England Journal of Medicine.
إنقاذ حياة طفل مصاب بمرض وراثي نادر باستخدام علاج جيني مصمم
الطفل، كيه جيه مولدون، من بلدة كليفتون هايتس بولاية بنسلفانيا، أُصيب عقب ولادته بخلل وراثي نادر في جين يُدعى CPS1، وهو مرض يُصيب واحدًا فقط من بين كل مليون طفل.
وهذا الخلل يؤدي إلى فشل الجسم في التخلص من الأمونيا السامة، ما يهدد حياة الرضع في أشهرهم الأولى، ويجعل زراعة الكبد أحد الخيارات المطروحة في مثل هذه الحالات.
وبدلًا من اللجوء إلى جراحة معقدة، قرر والدا الطفل، كايل ونيكول، خوض تجربة علاجية غير مسبوقة، بعد استشارة الأطباء وجمع كافة المعلومات الممكنة، فخلال ستة أشهر فقط، طوّر فريق من باحثي مستشفى الأطفال في فيلادلفيا بالتعاون مع جامعة بنسلفانيا، علاجًا تجريبيًا يعتمد على تقنية تحرير الجينات المعروفة باسم CRISPR، ولكن بإصدار أكثر تطورًا يسمى تعديل القاعدة.
وهذه التقنية لا تعتمد على قطع شريط الحمض النووي كما في الأساليب التقليدية، بل تقوم بتعديل حرف جيني واحد فقط داخل الشيفرة الوراثية، مما يقلل من مخاطر التغييرات الجينية العشوائية.
نتائج أولية مشجعة.. وتحذيرات من التفاؤل المفرط
في فبراير الماضي، حصل كيه جيه على أول جرعة عبر الوريد من العلاج الجيني الجديد، وتم توصيله إلى الكبد باستخدام جزيئات نانوية دهنية تُعرف باسم الجسيمات النانوية، وبعدها بشهرين، تلقى جرعتين إضافيتين في مارس وأبريل.
والنتائج الأولية أظهرت تحسنًا ملحوظًا في حالته، والطفل الذي يبلغ الآن 9 أشهر ونصف، أصبح قادرًا على تناول الطعام بشكل طبيعي، وبدأ يتجاوز التهابات بسيطة كالرشح دون انتكاسات، كما قلّ اعتماده على الأدوية بشكل كبير.
آفاق أوسع.. وأمل لملايين الأطفال
ويأمل الباحثون أن يمثل هذا الإنجاز بداية عهد جديد في علاج الأمراض الوراثية النادرة، خصوصًا تلك التي لا تلقى اهتمامًا بسبب قلة عدد المصابين بها.
ومع ذلك، حذّر الأطباء من أن الوقت لا يزال مبكرًا للحكم على فاعلية العلاج على المدى الطويل، مشيرين إلى ضرورة مراقبة الطفل لعدة سنوات لرصد أي آثار جانبية أو مضاعفات محتملة.
ورغم التحديات المالية التي قد تُعيق تعميم هذه العلاجات باهظة التكلفة، يرى العلماء أن التقدم الحاصل مع حالة كيه جيه قد يكون نقطة تحول في طريقة تعامل الطب الحديث مع الأمراض النادرة التي طالما عانت من التهميش.