صدور رواية بين الليمونة والترمسة لبنى صبري محفوظ

صدرت حديثا رواية بين الليمونة والترمسة للكاتبة لبنى صبري محفوظ وتدور أحداثها حول ضحى سيدة خمسينية تعمل، مصورة صحفية يخنقها سقف المسموح الذي يواصل هبوطه ضاغطا عليها بعبارة ممنوع التصوير.
وصلت في حياتها العملية والأسرية إلى تلك اللحظة من القلقل التي تشعر فيها بكل جوارحها أن التغيير أت لا محالة، عندما هددت نوبات الفزع بالعودة لمداهمتها، أدركت بالخبرة أن التغيير لا يحدث وحده أو بشكل مفاجئ عادة ما تسبقه إرهاصات وبعض من السعي. وهي تعرف أن سعيها هذه المرة يقتصر على تغيير عملها. جربتها من قبل “ونفعت”.
الحل في الاستقالة ولكن كيف تجرأت قبل أكثر من 12 عاما على ترك عملها لتنقلب الدنيا بعد ذلك فتنفتح حياتها على آفاق لم تكن تتخيلها؟ تفتح ضحى نافذة على ذكرايتها المتشابكة بين أحلام نوم وأحلام يقظة وواقع لا يخلو من غموض الأحلام. تجلس في مكانها المختار على البين باج بغرفة ابنها الصغير عمر الذي يحمل اسم خاله الشهيد وتجذب خيط الذكرات.
كانت ضحى فتاة عادية، بدينة ذات شعر أجعد، ليست جميلة وليست قبيح، فقط عادية. تعمل سكرتيرة لمدير يملي عليها أوامره بصوت معدني بارد، ابنة لأم تلقي عليها أوامرها بنبرة مؤنبة عادة. مضغوطة دائما، لا تفرج عن نفسها إلا عندما تخلو إلى نفسها مساء في حجرتها وتخرج خبيئتها من تحت السرير؛ حامل لوحات وورق وأقلام وريشات وألوان. ترسم لوحات ناقصة تعجز عن إكمالها وعندما تمل منها تدفنها تحت السرير. لوحات لأشخاص مروا في حياتها وربما خذلوها. تحاول التعبير عنهم لكنها تقف عاجزة أمام ملامح أب محاها طول الغياب، وابتسامة داعية مراوغة ربما كانت رسمة الشفاة الناقصة في لوحة أحمد ابن طنت هدى، أو عين بنصف وجه ظل مخبأ في ظلام اللوحة ربما كان يحمل السر، سر قدرة جدتها على اختيار موعد موتها.
كان كل ذلك بالطبع قبل أن تتخذ قرار الأستقالة الأول وتنقلب حياتها، قبل أن تكتشف الكاميرا التي تعوضها عن لي الحقائق واللجوء إلى التجريد لرسم ما لا تستطيع فهمه وقبل أن تلمس قدماها الأرض الصلبة التي تحت الأرض، أي باختصار قبل أن ينحت أحمد وجودها الجديد. ولكنها كانت قد نسيت بذرة الموت التي زرعتها ذات يوم ورعتها وخبأتها في جيب مسحور عندما أدركت أن لديها قدرات خارق؛ تستطيع صنع المرض.