خطيب الجامع الأزهر: الإسلام شرع الجهاد وأمر المسلمون بالدفاع عن أوطانهم
ألقى الدكتور عبد الفتاح العواري، العميد الأسبق لكلية أصول الدين بالقاهرة وعضو مجمع البحوث الإسلامية، خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر، والتي دار موضوعها عن حب الوطن غريزة متأصلة في الوجدان.
خطيب الجامع الأزهر: الإسلام شرع الجهاد
وقال الدكتور عبد الفتاح: إن حب الوطن غريزة متأصلة في النفوس تملك الوجدان وتسيطر على القلوب مما يجعل الإنسان يستريح بالبقاء في الوطن الذي نشأ فيه، ويحن إليه إذا غاب عنه، ويدافع عنه إذا هوجم من الأعداء، ويغضب له إذا انتقص من قدره أحد، والإسلام دين نمى هذه المعاني الراقية في النفس المسلمة إزاء وطنها الذي تعيش فيه، فأقسم بالبلد ومن حل فيها: ﴿لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾، إلا أن المجرمين من كفار مكة جعلوا هذا البلد الذي تعلق به فؤاد النبي ﷺ مكانًا يصعب العيش فيه، لكنه ﷺ رغم ذلك ظل شوقه لوطنه وحنينه إلى أرضه دافعا قويا ليعود إليه مرة أخرى، وهي رسالة من النبي ﷺ للتمسك بالأوطان والحفاظ عليها.
وأوضح خطيب الجامع الأزهر، أنه عندما خرج النبي ﷺ من وطنه، وقبل أن يتوارى عنه، نظر إليه متألما، وفي هذا دلالة على مدى الحب الذي تملك على نفس سيدنا محمد ﷺ، وعلى مدى الحب الذي استغرق مشاعره ووجدانه وفؤاده، مبينا أنه لم يستقر قلب النبي ﷺ إلا بعد أن سمع الوحى يتلو عليه: ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ﴾، وهي بشارة عودته لوطنه، كما أن تعامل النبي ﷺ مع أهل مكة عندما عاد إليها رسالة لكل إنسان أن يعلو فوق النزاعات الشخصية وأن يغلب مصلحة الوطن فوق كل اعتبار وأن يعمل على تحقيق الوئام، لأن التناحر يضعف الوطن
وبيَّن خطيب الجامع الأزهر، أن وحدة الأمة والجماعة تكمن في الاعتصام بحبل الله ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾، كما أن القرآن نهى عن التنازع الذي يؤدي إلى الاختلاف، قال تعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾، فيها تصوير قرآني بعدم التنازع الذي يُذهب القوة ويؤدي إلى الفشل، وهذا أمر يعمل له العدو، ويخطط له، عن طريق إثارة النزاعات والخلافات والنعرات المذهبية والطائفية والقبلية ليتفتت الوطن فيصبح أمام العدو لقمة مستساغة، مشددا على الحاجة الماسة إلى هذا الاعتصام، فنحن نعيش معتركا لا يخفى على أحد، تتكالب علينا فيه قوى الشر من كل حدب وصوب، كشروا عن أنيابهم فلا يقيمون لنا وزنًا ولا يبالون بقيمنا وأخلاقياتنا وديننا وشرعنا، فحري بأمة الإسلام أن تنهض وتصحو من غفلتها.
وأضاف خطيب الجامع الأزهر أنه لمكانة الأوطان وعلو قدرها في الإسلام، شرع الجهاد وأمر المسلمون بالدفاع عن أوطانهم ضد كل من يحاول المساس بها أو بمقدراتها، لأن ضياع الأوطان يعني ضياع الكليات الخمس التي نصت الشريعة على حفظها والتي لا يمكن أن تحفظ إلا في وطن آمن مستقر، والمسلمون عبر تاريخهم لم يقاتلوا إلا دفاعا عن أوطانهم لأن الإسلام هو دين السلام ودين يحترم القيم الإنسانية، وما يحدث في غزة من إبادة جماعية لأصحاب الأرض الحقيقيين، هو تعد سافر على قيمة الوطن وتجاوز في حق الإنسانية التي يتغنى بها دعاة الحرية والديمقراطية، وعليهم أن يعلموا أن أرض المسلمين لا يمكن أن تكون لغيرهم مهما حاول البعض أن يدفع في طريقٍ غير ذلك.