التفوق المؤسسي: نموذج توفيق الربيعة

يُعد معالي الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة أنموذجاً بارزاً للقيادات التي تقود دفة التحول المؤسسي بفعالية وكفاءة عالية في المملكة العربية السعودية. تتجلى بصمته الواضحة في سلسلة من المنجزات المتواصلة التي تحققت في الوزارات التي تولى قيادتها، وآخرها وزارة الحج والعمرة، التي تشهد نقلة نوعية في أدائها وخدماتها على مستويات عدة. يرتكز النهج القيادي لمعاليه على مبادئ راسخة في التميز المؤسسي، تتجاوز مجرد الإدارة التقليدية لتصبح محركاً استراتيجياً للتغيير الشامل والمستدام، مما يضع المملكة في مصاف الدول الرائدة عالمياً في كفاءة الأداء الحكومي وخدمة المستفيدين.
يُعد التركيز على تحقيق الأهداف الاستراتيجية بوضوح أولى الركائز الأساسية التي يعتمد عليها هذا النهج، فمعاليه يحرص على ربط جميع الأنشطة والعمليات اليومية بشكل مباشر بأهداف رؤية المملكة 2030 الطموحة، مما يمنح الموظفين في كل مستوى وضوحاً تاماً في التوجه، ويضمن التوافق الاستراتيجي الكامل بين الجهود الفردية والمؤسسية والأهداف الوطنية الكبرى. ليس هذا فحسب، بل يتميز منهجه بوضع أهداف ذكية (SMART) قابلة للقياس والتتبع، ما يسمح بتقييم الأداء بدقة متناهية وتحديد مجالات التحسين بشكل مستمر وفعال. في سياق وزارة الحج والعمرة، يتجلى هذا بوضوح في المبادرات المتتالية لرفع الطاقة الاستيعابية، وتبسيط الإجراءات، وتحسين تجربة ضيوف الرحمن بشكل جذري.
يُشكِّل تبنِّي التحول الرقمي الشامل محوراً جوهرياً آخر في فلسفة معاليه القيادية، ويركز بشكل مكثف على رقمنة العمليات والإجراءات كافة، بهدف زيادة الكفاءة التشغيلية، وتقليل الاعتماد على الإجراءات الورقية المعقدة، وتسريع وتيرة إنجاز الخدمات بشكل غير مسبوق. الأمثلة على هذا التحول واضحة للعيان في وزارة الحج والعمرة، حيث أحدثت منصة “نسك” وتطبيقات الحج الذكية ثورة في طريقة إدارة وتجربة الحج والعمرة. علاوةً على ذلك، لا يقتصر اهتمامه على مجرد الأتمتة، بل يمتد ليشمل الاستفادة القصوى من البيانات الضخمة، حيث يتم توظيف تحليلات البيانات المتقدمة في فهم أعمق لاحتياجات المستفيدين، وتحديد التحديات المحتملة بشكل استباقي، واتخاذ القرارات المبنية على الأدلة لتعزيز جودة الخدمة بشكل مستمر، وتنعكس رؤيته في تعزيز ثقافة الابتكار والتحسين المستمر داخل المؤسسات. معاليه يشجع بيئة عمل تتجاوز الروتين البيروقراطي التقليدي، وتدعم الحلول المبتكرة للتحديات القائمة، بغض النظر عن حجمها، ويتبنى منهجية “التجريب والتعلم السريع”، حيث يتم إطلاق مبادرات جديدة واختبارها على نطاق محدود أولاً، ثم يتم التعلم من النتائج المحققة – سواءً كانت نجاحات أو إخفاقات – لتطويرها وتوسيع نطاقها بشكل فعال، هذا النهج لا يحفز الإبداع فحسب، بل يوفر بيئة آمنة تشجع الموظفين على تقديم الأفكار الجديدة والمشاركة بفاعلية في تطوير الخدمات والعمليات. كما يولي معاليه اهتماماً بالغاً للحوكمة الرشيدة والشفافية العالية، ويضمن تحديداً دقيقاً وواضحاً للأدوار والمسؤوليات ضمن الهيكل التنظيمي، مما يقلل من الازدواجية في المهام ويعزز الكفاءة العامة للمؤسسة. يطبق بصرامة مبادئ المساءلة والشفافية في جميع العمليات، وخاصة تلك المتعلقة بإدارة الموارد المالية والتعامل مع المستفيدين، لبناء الثقة وتعزيز النزاهة. إضافةً إلى ذلك، يركز على إدارة المخاطر الاستباقية، حيث يتم تحديد المخاطر المحتملة ووضع خطط محكمة للتعامل معها قبل وقوعها، وهو أمر حيوي للغاية في موسم بحجم وتعقيد الحج.
يُعد التركيز على العميل (المستفيد) جوهر التميز المؤسسي الذي يتبناه معاليه، ففلسفته تقوم على وضع المستفيد (سواءً كان مواطناً، مقيماً، أو حاجاً أو معتمراً) في صميم جميع الجهود والعمليات، إذ يتم اعتماد آليات دورية ومتقدمة لقياس رضا المستفيدين، لاكتشاف نقاط القوة ومجالات التحسين، وتُحوَّل هذه الملاحظات القيمة إلى فرص للتحسين والتطوير المستمر للخدمات، بما يضمن تلبية التوقعات وتجاوزها. في وزارة الحج والعمرة، ينعكس هذا بوضوح في المؤشرات المرتفعة لرضا الحجاج والمعتمرين عن الخدمات المقدمة.
وأخيراً، لكن ليس آخراً، يشدد معاليه على تمكين الكفاءات البشرية، حيث يولي أهمية قصوى لتطوير وتأهيل الكوادر البشرية الوطنية، وتزويدهم بالمهارات والمعارف اللازمة لقيادة التغيير والتعامل مع متطلبات المستقبل، ويعزز ثقافة الأداء العالي التي تقدر الإنجاز وتكافئ الموظفين على تفانيهم وإبداعهم، مما يخلق بيئة عمل محفزة تشجع على العطاء المستمر والتفوق.