30 مليار ريال… قروض مصرفية غير مسددة!!

29.6 مليار ريال سعودي قروض متعثرة (غير عاملة) لدى البنوك السعودية لعام 2024، ولا توجد إحصائيات دقيقة عن عام 2025، يتقدمها البنك الأهلي بنحو 7.7 مليار ريال بنسبة 26% من اجمالي القروض المتعثرة لدى القطاع، وحلت القروض غير العاملة لمصرف الراجحي البالغة 5.3 مليار ريال في المرتبة الثانية من حيث القيمة، تلاه البنك الأول بنحو 3.6 مليار ريال، وبنك الرياض بنحو 3.1 مليار ريال.
وبلغت قيمة الديون المعدومة من خلال القروض الشخصية للأفراد في البنوك السعودية بنهاية عام 2024م حوالي 4.84 مليار ريال، ما يُمثِّل حوالي 37% من اجمالي الديون المعدومة في القطاع المصرفي.
وتعمل البنوك السعودية على تعزيز مخصصات القروض المتعثرة، حيث بلغ الرصيد التراكمي للمخصصات حوالي 47.6 مليار ريال سعودي بنهاية عام 2024؛ مع نسبة تغطية للقروض المتعثرة تصل الى 161%. وتعتزم البنوك السعودية التخلص من القروض المتعثرة من خلال صفقات توريق، وهي عملية مالية يتم من خلالها تحويل الديون المستحقة، مثل القروض، أو المستحقات المالية إلى أوراق مالية قابلة للتداول في السوق، يتم ذلك عبر تجميع مجموعة من الديون وتحويلها إلى أدوات استثمارية يتم بيعها للمستثمرين، ما يتيح للمؤسسات المالية الحصول على سيولة فورية بدلاً من الانتظار حتى يتم سداد الديون.
والحقيقة أتساءل دائماً كيف تكونت هذه القروض الشخصية المتعثرة؛ ومن هو المسؤول عن تراكمها؟ وأين الرقابة البنكية على القروض؟ وأين الرقابة القانونية على الضمانات؟ وبأي صلاحيات منحت؟ وكيف لم تستطع البنوك من تحصيل ديونها؟ وكيف استطاع المقترضين من التهرب من سداد قروضهم؟
أسئلة كثيرة جداً تدفعني كمواطن وكمتعامل مع البنوك في بعض الحسابات الجارية والاستثمارية والودائع، وأجزم أن معظم القروض المتعثرة هي من أموال المودعين والمساهمين، سواء كانت صناديق دولة أو شركات أو افراد.
إن رقم 4.84 مليار ريال ديون معدومة للأفراد، يعني أموال معطلة عن إعادة استثمارها أو إقراضها من قبل البنوك، وبالتالي حرمان شريحة كبيرة من العملاء من الاستفادة بقروض شخصية، ورغم علمي بأنه لا قلق على قوة البنوك وملاءتها المالية، ولاسيما أنها مؤمنة من قبل البنك المركزي، لكن هذه حقوق للبنك وبالتالي لمساهمي البنك والمودعين فيه، علماً بأن الحصول على قرض بمبلغ مئة ألف ريال؛ أحياناً يطلب فيه ضمانات كبيرة تصل إلى أكثر من قيمة القرض، وتعتبر شروط الاقتراض أحياناً تعجيزية، وبعض الضمانات أودت بالكفلاء بالدفع الجبري أو السجن عند تهرُّب المقترضين، وكم من أصحاب القروض البسيطة أودعوا السجون في الماضي، وشكراً للنظام الذي يحمي المتعثرين من السجن لكبر سنهم، وأنا مع هذا النظام بصرف النظر عن السن، لأن السجن لن يحل قضية تعثُّر السداد، وإنما إعادة بناء المتعثر، وإدارة وتسييل أصوله تساعد في سداد القرض.
ويبقى السؤال الأهم، وأعتقد هو أساس قضية تعثر الديون، وهو كيف وعلى أي أساس منحت القروض وبأي ضمانات؟، وهذه في الحقيقة للإجابة عليها تحتاج إلى فتح ملف القروض الشخصية المتعثرة؛ بتشكيل لجنة من البنك المركزي، وإدارة القروض في البنوك، التي لديها تعثر في السداد والجهات المعنية لحماية الحق العام والخاص، وذلك لمراجعة كل قرض متعثر، والتأكد من سلامة عقود القروض الشخصية وضماناتها، ولا مانع من الاستدعاء والاستفسار ممن تقاعد من العمل في البنوك بعد أن شارك في منح بعض القروض الشخصية المتعثرة، ولاسيما أن أموال البنوك هي أموال المساهمين فيها بما فيهم الدولة والأفراد، وهذه حقوق عامة وخاصة، وبصفتي أحد عملاء بعض البنوك التي لديها ديون متعثرة، وبصفتي كمواطن حريص على المال العام والخاص، أطرح هذا الموضوع، متمنياً أن يحظى باهتمام الجهات المعنية بالمال العام والخاص.
ولو أُعيدت مبالغ هذه القروض إلى البنوك، لأُعيد إقراضها مرة أخرى لأفراد مستحقين، أو لإنشاء مشاريع تنموية مثل مشاريع الإسكان أو مشاريع دعم رواد الأعمال والمبتكرين، أو في مشاريع تطوير البنية التحتية، أو أي مشاريع تعليمية وصحية وترفيهية أخرى تدعم اقتصاد المملكة.
وأعود للسؤال الهام: مَن هو المتسبب في هدر أموال البنوك؟ هل هم المقترضين؟ أم موظفو البنوك الذين منحوا قروضاً لأفراد وشركات بدون دراسات وضمانات كافية؟.
وأجدها مناسبة لأن أشيد بأفضل بنك مركزي في العالم العربي وأحد أفضل البنوك المركزية في العالم، وهو البنك المركزي السعودي من حيث الأنظمة والسياسات والقوانين والضوابط والرقابة على البنوك وسير عملها، وإذا كان هناك من خلل في أسباب القروض المتعثرة، فمرجعه إدارات الإقراض ومتابعة تحصيل القروض في البنوك.