الأفراد: تجاربهم وغرائبهم

– يرى (برتراند راسل)، أنَّ معظم الناس ليسوا سعداء، فالظروف الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة والسياسيَّة العالميَّة، أسباب قهريَّة لانحسار الطمأنينة، وحضور القلق. لقد أصبحت رغباتهم أقل حيويَّة، وحياتهم أقل كثافة، واتَّجهوا إلى فرط الاستهلاك الماديِّ، والرغبة في الشهرة الزائفة. «يتمتَّع النَّاس بدرجة عالية من الجشع تثير ذهولهم، لكنَّهم لا يكفُّون عن الكلام عن الزُّهد والرِّضا بما قسمه الله لهم»… هكذا قال: (أحمد خالد توفيق).
– يحدث أنْ يكون أحدهم فارغًا في داخله، تافهًا في فكره، فيحاول ملء فراغه بالتطفُّل على النَّاس، والتعليق على أشكالهم وسلوكيَّاتهم، وانتقاد تصرُّفاتهم، والتنمُّر عليهم.. هذا ما يحدث لأناس يقتاتون على حياة غيرهم؛ ليشعروا بشبه حياة.
– أحِبَّ النَّاس ولكنْ لا ترهقهم بتوقُّعاتك، فمعظمهم مساكين لا تسعفهم عقولهم وقدراتهم، وبعضهم -ببساطة- لا يهتمون، وآخرون ليسوا سوى أوغاد!. خُذ منهم قدر عطائهم، ولا تحمِّلهم زيادة ثمَّ اعذرهم.. فكثير من علاقاتهم يغشاها التوجس والأنانيَّة وسوء الظن.. هكذا يفعل فيهم الخذلان.. يتركهم بجروح غائرة وعُقد نفسيَّة.
– وعلى قدر الانخفاض الشديد في القدرات العقليَّة والمهنيَّة والذكاء العاطفيِّ والاجتماعيِّ لدى أحدهم، إلَّا أنَّ مستوى استحقاقه العالي يدعو للسخرية والتعجُّب!. فبمجرد كونه صاحب ثروة كبيرة، وجاه عريض، يصبح شخصيَّة فذَّة يريده النَّاس ويطلبونه ويبالغون في مدحه، ويعدُّونه من أحسنهم حكمة، بغضِّ النظر عن استحقاقه الفكريِّ والثقافيِّ والأخلاقيِّ!.
– واعلم أنَّ النَّاس يتغيَّرون.. يغيرهم الوقت.. أو الألم أو الملل.. أو الخذلان.. والتجارب.. الظلم.. الانتظار.. أو حتَّى الحب.. أو أنَّهم ينكشفون أو ينقلبون.. لا تهتم.. المهم أنَّهم يتغيَّرون.. وأكثرهم إلى الأسوأ!.
– مهما حاولت، فأنت متفرِّد في مشاعرك، لا أحد يستطيع فهمها أو حتى التعاطف معها كما ترغب. نحن نعيش في كبسولات منفصلة، لا أحد يشعر بنا، ولا نشعر بأحد في الواقع.. كُن لطيفًا فحسب في كل أحوالك مع النَّاس، ولا تعجز.. ثم اسأل الله اللُّطف والطمأنينة.
– السَّلام على الذين يستيقظون وهم متسامحون مع غيرهم، محبُّون لعزلتهم، متماهون مع ذواتهم، متعايشون مع آلامهم، متصالحون مع قصورهم، مشغولون بتأملاتهم وهواياتهم.. يؤذونهم النَّاس، ولا يؤذون، ويبخلون عليهم، ويكرمون.. إنَّهم الهاربون من جحيم الحياة، المغتربون وسط أناسهم.. لله درهم.