الإدارة في ظل الضغط!

الإدارة في ظل الضغط!

في عالم الأعمال المتسارع، لا تخلو أيُّ منظَّمة من فترات الضغط الشديد، سواء كان ذلك نتيجة أزمات طارئة، أو تغيُّرات في السوق، أو مشكلات داخليَّة، أو تحدِّيات خارجيَّة غير متوقَّعة.. وفي قلب هذه الأحداث، تبرز الإدارة تحت الضغط كمهارة قياديَّة حيويَّة، تفصل بين القادة العاديِّين، والقادة الحقيقيِّين، فالإدارة تحت الضغط لا تعني فقط السيطرة على الموقف، بل هي قدرة شاملة على اتِّخاذ قرارات صائبة، في ظل التوتر، والحفاظ على تماسك الفريق، وقيادة المنظمة نحو الاستقرار دون أنْ تفقد بوصلتها أو قيمها.

والإدارة تحت الضغط هي عمليَّة توجيه الموارد البشريَّة والماديَّة في ظروف غير مثاليَّة، مع الحفاظ على الأداء والنتائج المطلوبة رغم التوتر، والوقت المحدود، أو غياب المعلومات الكافية.

والإدارة تحت الضغط لا تقتصر على الأزمات الكبيرة، بل تشمل المواقف اليوميَّة التي تتطلَّب استجابة سريعة دون الإخلال بالجودة، أو الرُّوح المعنويَّة.

القادة الذين يبرعون في الإدارة تحت الضغط، يشتركون في مجموعة من السِّمات والسلوكيَّات، أبرزها:

– الهدوء الداخلي، القائد لا ينقل توتره للفريق، بل يزرع الثقة من خلال اتِّزانه وسعة صدره.

– المرونة الذهنيَّة، التغيير السريع في الإستراتيجيَّات عند الحاجة دون التمسك بخطط لا تنفع في الواقع المتغيِّر.

– القدرة على اتخاذ قرارات سريعة، ولكن دون تهوُّر، القائد الجيد يوازن بين السرعة والدقَّة.

– الوضوح في التواصل، في لحظات التوتر، يُصبح الوضوح ضرورة، وليس رفاهيَّة.

– التفويض الذكي، يعرف متى وكيف يُفوِّض المهام لتخفيف العبء وتسريع الأداء.

لا يمكن الحديث عن الإدارة تحت الضغط، دون الالتفات إلى تأثير الضغوط على الموظفين، فالفريق المتوتر يفقد تركيزه، وتقل إنتاجيته، ويزداد احتمال ارتكاب الأخطاء.. الإدارة الجيدة تتطلب حسا إنسانيا، حيث يدرك المدير أن العامل النفسي للموظف لا يقل أهمية عن المهارة المهنية.

للتعامل بفعاليَّة مع الضغوط، يمكن للمديرين تبنِّي مجموعة من الإستراتيجيَّات العمليَّة:

– تحديد الأولويات بوضوح، ففي الأزمات لا يمكن معالجة كل شيء دفعة واحدة. يجب تحديد الأهم، فالأهم.

– الاعتماد على خطط طوارئ، التخطيط المسبق للطوارئ يخفف من حدَّة المفاجآت، ويمنح الفريق شعورًا بالأمان.

– التواصل المستمر، إبقاء الجميع على اطِّلاع بتطوُّرات الوضع يقلل من الشائعات والارتباك.

– مراجعة الأداء بشكل مستمر، التقييم السريع والتعديل اللحظي يساعد على تلافي الأخطاء مبكِّرًا.

– التحفيز الإيجابي، الشكر، التقدير، وحتى الكلمات التحفيزيَّة تُعدُّ وقودًا معنويًّا في لحظات الإنهاك.

الإدارة تحت الضغط ليست مهارة فطريَّة فقط، بل يمكن تعلمها وصقلها مع الوقت والتجربة، إنَّها التحدِّي الحقيقي لكل مدير يريد أنْ يثبت كفاءته، ليس حين تكون الأمور على ما يرام، بل عندما تشتد الرياح، ويكون الجميع بحاجة إلى قائد يرى في العاصفة فرصة للنموِّ، لا تهديدًا للنجاة.