الدور السعودي في العلاقات بين باكستان والهند

الدور السعودي في العلاقات بين باكستان والهند

عندما تبدأ بوادر أزمة بين باكستان والهند، يضع العالم يده على قلبه؛ خوفًا من تداعيات الأزمات التي لا تنتهي بين باكستان والهند، والخوف -دومًا- من تعمُّق الصراع، والوصول إلى حرب شاملة مدمِّرة؛ لأنَّ الدولتين رغم أنَّهما جارتان، إلَّا أنَّهما تمتلكان أسلحة نوويَّة لا تُبقي ولا تذر.

النزاعات المسلَّحة بين البلدين، بدأت منذ تقسيم الهند البريطانيَّة في عام 1947م، والتأسيس اللاحق لدومينو باكستان، ودومينو الهند. دخلت الدولتان في عدَّة حروب ونزاعات ومواجهات عسكريَّة عام 1947، أو حرب كشمير الأُولى، وفي عام 1965 قامت الحرب -أيضًا- بين الهند وباكستان، و1971، 1999، وبفضل الله، ثمَّ بفضل القيادة السعوديَّة الحكيمة، لم تُسجَّل حربٌ ضروسٌ بين الهند وباكستان في 2025.

بين الحروب، كانت هناك مناوشات بين البلدين من وقتٍ لآخر، كان بعضها قريبًا من حرب شاملة، كالصِّراع الحاليِّ الذى كاد أنْ يتحوَّل إلى حرب، لكنْ بفضل الله، ثمَّ بفضل الوساطات، والدور السعوديِّ، تمَّ نزع فتيل الحرب قبل أنْ تتَّسع، فالعالم لم يعد يحتمل حروبًا أُخْرى بعد الكوارث التي يعاني منها.

في الأزمة الأخيرة، التي بدأت في 23 إبريل 2025م، نتيجة هجوم إرهابيٍّ في وادي بايساران بكشمير، أسفر عن مقتل 25 سائحًا ومواطنًا محليًّا، وإصابة أكثر من 20 شخصًا، بدأت الأزمة بين الدولتين تتفاقم، وبدأ فتيل الحرب ينفث دخانًا قاتمًا، مُنذرًا بحرب لا يعلم نهايتها سوى الله، هنا تسعى الدول الكُبْرى لتهدئة الطرفين.

بدأت وتيرة التوتر بين البلدين في التصعيد، واستمرار إطلاق النار في المناطق الحدوديَّة، والاستعانة بالمُسيَّرات التي أصبحت سلاحًا حاسمًا ومدمِّرًا حسب ما تحمله من متفجِّرات موجَّهة بدقَّة إلى أهدافٍ حيويَّة.

دعت الرياض، البلدين إلى خفض درجة التوتر، وتجنُّب التصعيد، وحل الخلافات بالطرق الدبلوماسيَّة، واحترام حُسن الجوار، والعمل على تحقيق الاستقرار والسَّلام لما فيه خير شعبيهما، وشعوب المنطقة.

في اتِّصالين هاتفيَّين بكلٍّ من وزير الشؤون الخارجيَّة في الهند «سوبرامانيام جايشانكار»، ونائب رئيس الوزراء وزير الشؤون الخارجيَّة في باكستان «إسحاق دار»، بحث وزير الخارجيَّة السعودي سموُّ الأمير فيصل بن فرحان، جهود تهدئة التوترات مع الهند وباكستان، ووقف التَّصعيد، وإنهاء المواجهات الجارية بين البلدين.

لم يتوقف الأمر على المحادثات، بل وجَّهت القيادة السعوديَّة معالي وزير الدولة للشؤون الخارجيَّة عادل الجبير، بزيارة الهند وباكستان، في الفترة من 8- 9 مايو 2025م، في إطار المساعي للتهدئة ووقف التصعيد، وإنهاء المواجهات العسكريَّة الجارية، وحل الخلافات كافَّة من خلال الحوار والقنوات الدبلوماسيَّة.

أكَّد وزير خارجيَّة الهند «سوبرامانيام جايشانكار»، أنَّه تم التوصل مع باكستان إلى تفاهم بشأن وقف إطلاق النار والعمل العسكريِّ.

كما أكَّد السفير الباكستاني لدى المملكة «أحمد فاروق» لـ»الشرق الأوسط»: أنَّ المملكة العربيَّة السعوديَّة سهَّلت التوصُّل إلى اتفاق.

المملكة العربيَّة السعوديَّة هي الدولة الوحيدة التي بادرت بإرسال مبعوثٍ خاصٍّ، وأخذت على عاتقها مهمَّة الدور المحوريِّ من بين وساطة ثلاثين دولةً على رأسها أمريكا.

السياسة السعودية الحكيمة، استطاعت أنْ تؤلِّف بين القلوب في أزمات كثيرة، نعود بالذاكرة إلى اتفاق الطائف، حيث غطت الاتفاقية الإصلاح السياسي، وإنهاء الحرب الأهلية اللبنانية. والوساطة بين أوكرانيا وروسيا. وفي 11 مارس 2025 أعلنت المملكة نجاح وساطتها بين الولايات المتحدة وأوكرانيا. وأخيرًا وليس آخرًا؛ نجحت وساطة المملكة في إيقاف التصعيد بين باكستان والهند، وإنهاء المواجهات العسكرية الجارية.

أوردتُ بعض الأمثلة على الدور السعوديِّ كوسيط فاعل في النزاعات الدوليَّة والإقليميَّة؛ لما للقيادة السعوديَّة من مكانةٍ راسخةٍ، يُكلِّلها الحب والاحترام؛ ممَّا يُسهِّل الوساطة، وتُطمْئِن القلوب، وتُخْمِد الضَّغائن بالسياسة الحكيمة، والدبلوماسيَّة الناعمة، والمكانة الدوليَّة.