السعودية والولايات المتحدة: استراتيجيات مبتكرة

العلاقات السعوديَّة الأمريكيَّة تخطَّت التسعين عامًا، فهي ذات جذور، وليست وليدة اليوم. ففي عام 1945 كان أوَّل لقاء سعوديٍّ أمريكيٍّ بين الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، ونظيره الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت، حيث كان روزفلت عائدًا من مؤتمر يالطا، وقرر أنْ يلتقي بأهم ثلاثة زعماء في المنطقة، وهم: الملك عبدالعزيز، والملك فاروق، والإمبراطور هيلا سيلاسي، ولقاء الملك عبدالعزيز تاريخيٌّ وإستراتيجيٌّ، وأسَّس لشراكة قويَّة بين البلدين، ثم انطلقت بعد ذلك العلاقة، من خلال لقاءات ملوكنا الكرام -طيَّب الله ثراهم- (سعود، فيصل، خالد، فهد، عبدالله)، بمختلف رؤساء أمريكا، خلال فترات متباينة، أكدوا فيها متانة العلاقة تاريخيًّا، واستمرار الشراكة إستراتيجيًّا، كما كان هناك لقاء لخادم الحرمين الشَّريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بالرئيس الأمريكي رونالد ترامب في فترة رئاسته الأُولى، وذلك عام 2017.
واليوم، باستقبال صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، للرئيس الأمريكي رونالد ترامب في الرياض، خلال فترة رئاسته الثانية، تتجدَّد العلاقة؛ لتكون هي الأمتن، والإستراتيجيَّة هي الأقوى، ولا شكَّ أنَّ صناعة هذه الإستراتيجيَّة وراءها الرُّؤية السعوديَّة الناضجة في العلاقات الخارجيَّة، بقيادة الأمير محمد بن سلمان، حيث الاهتمام الأوَّل للدَّولتين هو إقامة علاقة دوليَّة، وصناعة إستراتيجيَّة مستقبليَّة، باعتبارهما دولتين عظيمتين ذاتا أبعاد وأهداف مشتركة، وبناءً عليه تمََّ التوقيع على اتفاقيَّات ثنائيَّة بين البلدين، شملت توقيع اتفاقيَّة الشراكة الاقتصاديَّة الإستراتيجيَّة بين الحكومتين، وتوقيع اتفاقيَّة بين وزارتي الطاقة في المملكة والولايات المتحدة، وتوقيع اتفاقيَّة بين وزارتي الدفاع في البلدين، بشأن تطوير وتحديث قدرات القوات المسلَّحة السعوديَّة، وغير ذلك من الاتفاقيَّات المهمَّة بين البلدين.
لا شك أن الأمير محمد بن سلمان، بتهيئته لقاء ترامب، ومحتويات الاتفاقيات الإستراتيجية المتعددة، صنع من ذلك زخما من العطاءات الإيجابية للوطن، بل وللمنطقة، والأمتين العربية والإسلامية، خاصة في النواحي الاقتصادية والاستثمارية؛ وسعيه في رفع العقوبات عن سوريا، مما جعل ذلك حديث الإعلام العالمي.
وقد شارك في لقاء الأمير محمد بن سلمان، والرئيس ترامب، مجموعة من مسؤولي الدَّولتين من ذوي الاختصاص في نواحٍ متعدِّدة ممَّن لهم علاقة بالاقتصاد، والاستثمار، والتطوُّر التقنيِّ، وشؤون الطاقة، والسياحة، وغير ذلك؛ ممَّا أضفى على الزيارة واللقاء، إظهار المملكة بمدى التطوُّر والتقدُّم الذي وصلت إليه كوادرها العلميَّة والتخصصيَّة.