عطاء ملكي ومواقف لا تُقدّر بثمن: العلاقة بين المملكة وفلسطين – عهدٌ راسخٌ لا يتزعزع

بتوجيه كريم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، وفي تجلٍ سامٍ من تجليات الوفاء العربي والمروءة الإسلامية، أمر -رعاه الله- باستضافة ألف حاج وحاجة من ذوي الشهداء والأسرى والجرحى من أبناء الشعب الفلسطيني، ضمن برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة والزيارة. إنها لفتة كريمة تُسطّر بماء العز، وتُروى من معين النبل الذي عُرفت به هذه البلاد المباركة.
ليست هذه المكرمة سوى حلقة من سلسلة متصلة من المواقف الثابتة، والمبادرات العظيمة، التي نسجتها المملكة العربية السعودية بخيوط الصدق والإخلاص، منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- الذي صدح بكلمته الخالدة: “لا يمكن أن نرضى أن تُسلَب فلسطين أو يُنتقص شبر منها، وإننا نُقدِّم في سبيل ذلك المال والرجال”. ومنذ ذلك اليوم، والسعودية تمضي على ذات السبيل، لا تُغيّرها العواصف، ولا تُرهقها التكاليف، ففلسطين في عقيدتها ليست مجرد قضية، بل مسؤولية، وفي وجدانها ليست شعارًا، بل عهدًا لا ينكسر.
إن برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين ليس محض إحسان عابر، بل هو تجسيد حيّ لرسالة هذه البلاد، التي شرفها الله بخدمة الحرمين الشريفين، فوسعت رعايتها كل من قصد البيت الحرام، وخصّت أهل البلاء والمصاب بمزيد من العناية والاحتفاء، حتى صار ضيوفها يطؤون الأرض وفي أعينهم دموع الرجاء، وعلى شفاههم دعوات الامتنان.
وفي اختيار أبناء فلسطين لهذه المكرمة، دلالة سامقة على عمق العلاقة، وصفاء النية، وامتداد اليد السعودية إلى حيث يسكن الألم، ويقيم الأمل. إنها مواقف لا تُصطنع، وعطاءات لا تُتاجر، وولاء لا يُزاحمه رياء، بل صدقٌ متوارث من عهد المؤسس إلى هذا العهد الزاهر.
وإذا كانت هذه هي الحقائق ناطقة لا تخفى، فإن لبعض الأبواق المأجورة أن تلوك الباطل وتُروّج الزيف، فتغيب عنها الأفعال وتتعثر عند حدود الشعارات. وهنا نقول: كُفّوا عن التشويه، فإن المملكة العربية السعودية لم تدخل ساحات القضايا الكبرى من بوابة الدعاية، بل من مصاف الدول التي تصنع المجد بمواقفها، وتنسج الشرف بأفعالها، وتُؤدي واجبها دون صخب، وتناصر قضايا الأمة دون شرطٍ ولا حساب. لقد كانت مع فلسطين حين صمتت الأصوات، وظلّت على عهدها حين تنكّر المُدّعون، وما وهنت يومًا، ولا تخلّت طرفة عين. فمن شاء فليقل ما شاء، والمملكة ماضية بثبات، لا تعبأ بأصوات الدهماء، ولا تلتفت لنباح المتربصين، ولها في كل موقف شاهد، وفي كل محطة برهان. وستبقى فلسطين في وجدانها، أرضًا وشعبًا وقضية، لا تُحرّفها الأهواء، ولا تُزعزعها الحملات المغرضة. وجوابنا في وجه كل جاحد: المواقف تُوزن بالأفعال لا بالكلمات، والمملكة أقامت البرهان، وكتبت التاريخ، وأعلت راية الحق.. وما زالت.