فندق لوتيسيا في باريس: قصر على الضفة اليسرى يتناغم فيه الفخامة مع التاريخ والفن

في قلب حي سان جيرمان الشهير على الضفة اليسرى لنهر السين، يتربع فندق لوتيسيا Lutetia كواحد من أكثر الفنادق الباريسية عراقة وتميزًا. أعاد الفندق فتح أبوابه عام 2018 بعد عملية ترميم شاملة أعادت له بريقه التاريخي، وأعادت تأكيد مكانته كأيقونة من أيقونات العاصمة الفرنسية.
افتُتح الفندق لأول مرة عام 1910 على يد عائلة بوسيكو، مؤسسي متجر Le Bon Marché الشهير، وأصبح منذ ذلك الحين ملاذًا للفنانين والكتّاب والشخصيات البارزة في شتى مجالات الحياة الفكرية والفنية والسياسية. واليوم، وتحت إشراف مجموعة The Set Collection المتخصصة في ترميم المعالم التاريخية، أصبح لوتيسيا الفندق الوحيد على الضفة اليسرى الذي يحمل تصنيف “قصر” الفاخر من وزارة السياحة الفرنسية
.
أناقة معمارية تمزج بين الحداثة والتاريخ
أسندت مهمة الترميم إلى المهندس المعماري الشهير جان ميشيل فيلموت، الذي نجح في المزج بين إرث الفن الزخرفي (Art Nouveau) والفن الحديث (Art Deco)، ليخلق تجربة معمارية متكاملة تعكس روح باريس القديمة بقالب عصري. تميز المشروع بإدخال المزيد من الضوء الطبيعي إلى المساحات الداخلية عبر فناء داخلي أنيق، كما تم تجديد النوافذ الزجاجية الملونة، والجداريات، والموزاييك، والنقوش بدقة فنية عالية على يد مجموعة من أبرز الحرفيين الفرنسيين.
أجنحة فاخرة بتوقيع نجوم السينما والأدب
يضم فندق لوتيسيا 184 غرفة وجناحًا، منها 47 جناحًا فخمًا و8 أجنحة مميزة. من بين هذه الأجنحة الفريدة، نجد “جناح سان جيرمان من تصميم فرانسيس فورد كوبولا”، الذي يعكس حب المخرج الأمريكي الشهير لباريس من خلال ديكور مستوحى من مجموعته الفنية الخاصة وتذكاراته السينمائية.
كما تم افتتاح “الجناح الباريسي بإشراف إيزابيل أوبير”، والذي يحمل لمسات الممثلة الفرنسية الشهيرة في كل زاوية، من فستان هوت كوتور من توقيع إيف سان لوران إلى سيناريوهات أفلام أصلية وصور ومجموعة من كتبها المفضلة.
الجناح الرئاسي “كارّيه ريف غوش” يتوّج هذه الأجنحة، بتعاون خاص مع رابطة تجار الفن في الضفة اليسرى، حيث يتحول إلى معرض فني دائم ومتغير يحتضن قطعًا أثرية من مختلف العصور.
لقاءات راقية في أجواء باريسية ساحرة
يضم الفندق مجموعة من المساحات المخصصة للتجمعات الراقية مثل مطعم براسيري لوتيسيا الذي يُعتبر ملتقى سكان الضفتين، ويقدّم مزيجًا بين الأطباق التقليدية الباريسية والتفسيرات العصرية بإشراف الشيف المتميز باتريك شارفيه.
ولا يمكن تفويت بار جوزفين الذي يُعد النبض النابض للفندق، بلوحاته الجدارية التاريخية وجلساته الأنيقة، وصالون سان جيرمان الذي يطل على فناء داخلي مضاء طبيعيًا. أما بار أريستيد فيتميز بطابعه الحميمي المخصص لعشاق السيجار والمطالعة.
رفاهية شاملة في قلب باريس
ولعشاق العافية، يقدّم فندق لوتيسيا تجربة متكاملة عبر مركز Akasha Holistic Wellbeing الذي يمتد على مساحة 700 متر مربع، ويعتمد فلسفة العناصر الأربعة: الهواء، والماء، والنار، والأرض. يشمل المركز حمام سباحة بطول 17 مترًا، جاكوزي، غرفة بخار، مركز لياقة متطور، وست غرف للعلاجات باستخدام منتجات من علامات عالمية مثل Carita وCellCosmet وAromatherapy Associates.
إرث ثقافي نابض بالحياة
منذ تأسيسه، كان لوتيسيا مأوى للمفكرين والفنانين من أمثال جيمس جويس، إرنست همنغواي، سامويل بيكيت، وأندريه جيد. كما استضاف عمالقة الفن مثل بيكاسو وماتيس، واحتفى بجو موسيقى الجاز خلال خمسينيات القرن الماضي، مرورًا برموز السياسة والثقافة مثل شارل ديغول، فرانسوا ميتران، وسيرج غينسبورغ.
واليوم، وبعد أكثر من قرن على افتتاحه، لا يزال فندق لوتيسيا ينبض بالحياة كمرآة لتاريخ باريس وروحها الثقافية المتجددة، ووجهة لا غنى عنها لعشاق الفخامة والتميز.