الأسعار المنخفضة.. والسؤال المعلق

الأسعار المنخفضة.. والسؤال المعلق

في كلِّ حي تقريبًا، ظهرت متاجر جديدة، تتفنن في عرض التخفيضات: الزيت، الرز، الحليب، المنظِّفات، الأجبان، المعلبات… كل شيء بثمنٍ أقل، وعرضٍ أكبر، لافتات لا تترك لك فرصة الهروب من الفكرة: «الأسعار عندنا غير»، «خصومات مجنونة»، «وفِّر أكثر».

الناس يدخلون هذه المراكز والأسواق، لا لأنَّهم يبحثون عن رفاهية، بل لأنَّهم يحاولون التكيُّف مع التزامات شهر لا تنتهي، والإقبال مفهوم، فلا أحد يرفض توفير ريال، أو ريالين في كل سلعة.

لكن.. هل نسأل أنفسنا: ما الذي نحصل عليه فعلًا؟ وهل كل ما يُعرض يستحق أنْ يكون على موائدنا؟

هل هذه المنتجات -رغم وفرتها، وسعرها الجاذب- تتمتَّع بنفس جودة تلك التي نراها في السوبر ماركت الكبير؟

أم أنَّ بعضها صُنِّع بمواصفات أقل، أو تم استيراده بناءً على معايير دُنيا تناسب السعر المنخفض؟

ما هو مستوى المكوِّنات؟ ما طبيعة المواد الحافظة؟ هل الطعم هو المعيار الوحيد الذي نحكم من خلاله على ما نأكله؟

الاستهلاك المستمر لمنتجات غذائيَّة نعرف عنها فقط أنَّها «أرخص»، قد لا يظهر أثره الآن، لكنَّه يترك بصمته على المدى البعيد، خصوصًا في أجسام الأطفال، وكبار السِّن.

هل هناك علاقة بين ما نستهلكه اليوم من منتجات منخفضة الجودة -حتى وإنْ كانت صالحة للاستهلاك- وبين ما قد يظهر لاحقًا من آثار صحيَّة؟

هل تكرار الاعتماد على هذه الخيارات يربك أجسامنا بطريقة مباشرة؟

من هنا، تبرز أهميَّة التوعية بمعايير الجودة، والمكوِّنات الغذائيَّة، ليكون المستهلك أكثر قدرةً على اتخاذ قرار مدروس، لا يعتمد فقط على السعر.

فليس كل ما هو متاح بثمن منخفض يصلح أنْ يكون طعامًا دائمًا.

السؤال ليس في التخفيض، بل في الثمن الحقيقيِّ الذي قد ندفعه لاحقًا، دون أنْ نربط بينه وبين ما كان في السلة ذات يوم.