سوريا تستعيد قوتها من جديد

سوريا تستعيد قوتها من جديد

القلوب هي المضغة التي تحدِّد مصير الإنسان، بل تخلق قنوات اتِّصال أثيريَّة بين الله والبشر، حتَّى بين البشر أنفسهم، لتخفق بقوَّة بنبضات الحب والسلام، ففي زمن تتسارع فيه الأحداث، وتتبدَّل فيه موازين القوى، تثبت المملكة العربيَّة السعوديَّة، مرَّة بعد مرَّة، أنَّها الثابتة في معادلات التغيير، والحاضنة لكلِّ أمل عربيٍّ ينهض من بين ركام اليأس والخذلان. نحن شعبٌ لا يرضى إلَّا بالقمَّة، وقيادتنا لا تتحرَّك إلَّا لصنع الفرق، في الداخل كما في الخارج.

ففي لحظة إنسانيَّة لا تُنسى، وخلال منتدى الاستثمار السعوديِّ الأمريكيِّ في الرياض، التُقطت صورة عفويَّة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- واضعًا يديه على صدره، بابتسامة مليئة بالحب والفخر، في مشهد اختصر مشاعر الملايين. تحوَّلت هذه الصورة خلال ساعات إلى “ترند” على مواقع التواصل الاجتماعيِّ، واعتبرها السوريُّون رسالة صامتة مليئة بالمعاني، تحيَّة امتنان من القلب للقلب، وموقفًا إنسانيًّا نادرًا يُجسِّد القيادة بالمحبَّة، لا فقط بالقرار.

اليوم، يقف المواطن السعودي شامخًا، وهو يرى بلاده تمارس دورها الطبيعي كقلب الأمة، وعقلها الراجح، ودرعها الحامي. ولسنا نحن من نقول ذلك، بل الأحداث تشهد، والعالم يصفِّق، والعرب يستبشرون.

أيُّها السعوديُّون… أنتم تنتمون إلى وطن لا يصنع المعجزات فقط، بل يصوغ التاريخ بيده، ويكتب الحاضر والمستقبل بكلماتٍ من شجاعة وكرامة.. فخرنا لا يُشترى، ومكانتنا لا تُمنح، بل ننتزعها بعملنا، ونيَّاتنا، وأفعال قادتنا.

ولأنَّ لكل أمة لحظة مجد ترويها الأجيال، فإنَّ ما فعلته السعوديَّة في 13 مايو 2025 سيُدرَّس يومًا كعلامة فارقة في تاريخنا المعاصر، حين قرَّرت المملكة أنْ تكون صانعة القرار، لا تابعته، ومصدر الأمل، لا الباحث عنه.

فمن قلب العاصمة السعودية الرياض، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قرارًا مفاجئًا ومصيريًّا: رفع العقوبات الأمريكيَّة المفروضة على سوريا بالكامل. لم يكن الإعلان مجرَّد إجراء دبلوماسيٍّ، بل كان تحوُّلًا جذريًّا في السياسة الدوليَّة تجاه سوريا، وبداية مسار جديد ينتظره السوريُّون منذ أكثر من عقد.

ما وراء هذا القرار كان وساطة سعوديَّة، قادها الأمير محمد بن سلمان بحكمة واقتدار، حيث جمع بين حنكة السياسة، وصدق النيَّة، وأثبت أنَّ المملكة لم تعد لاعبًا إقليميًّا -فقط- بل صانع تحوُّلات دوليَّة.

السعودية اليوم لا تُجيد -فقط- فن إدارة الأزمات، بل تحترف تحويلها إلى فرص. هذه الوساطة التاريخيَّة كانت تتويجًا لرُؤية المملكة في أنَّ السلام لا يُفرض بالقوَّة، بل يُبنَى بالحكمة والقيادة الهادئة. لم تُطالب السعوديَّة بالمجد، ولم ترفع شعارات الانتصار، بل تركت الصورة والقرار يتحدَّثان.

صورة الأمير محمد بن سلمان، وهو يضع يديه على قلبه، لامست قلوب السوريِّين أكثر من كل الخطب. لقد جسَّدت لحظة شعور صادق بأنَّ العالم العربي لا يزال يتنفس، ولا تزال فيه قيادات ترى في الإنسان أوَّلًا وآخرًا قيمة تستحق الحياة والكرامة.