أشعار على الحيطان.. وذكريات لا تُنسى

ليست الحمراء في غرناطة مجرد قصر، بل ديوانٌ حجريّ نُظمت أبياته على الجدران، وخُطّت حروفه على النوافذ والقباب والنوافير. هناك، حيث امتزج الفن بالسيادة، زيّن ملوك بني نصر قصورهم بالشعر، واستدعوا نُخبة الشعراء لينقشوا خلودهم على جدران الزمن.
لكن هذه النقوش، رغم جمالها، ظلّت لغزًا يتأمله الزوّار دون أن يعرفوا من كتب؟ ومتى؟ ولماذا؟
إلى أن جاء الأستاذ الدكتور عبدالعزيز المانع، والمستعرب الإسباني البروفيسور خوسيه ميغيل فلتشت، ليقدّما عملًا فذًا عنوانه “رياض الشعراء في قصور الحمراء”، كاشفين فيه عن كنوز أدبية منقوشة على الحجر، جمعاها، وحققاها، ونسباها إلى أصحابها، مع توثيق بصري مدهش يضع النقش بجانب النص.
يقول المؤلفان في الكتاب: “كل نقشٍ في الحمراء هو بيتُ شعرٍ يُنشد الحجرُ صمتَه البليغ”.
وما أبلغها من عبارة، تختصر مشروعًا حضاريًا استثنائيًا أعاد للأدب العربي هيبته الموشّاة بالجمال.
رياض الشعراء ليس مجرد كتاب، بل شاهد حيّ على أن الشعر العربي ما زال محفورًا في ذاكرة الحضارة. وجائزة الملك فيصل، بتبنيها هذا الكتاب ونشره، لم تكرّم مؤلفين فقط، بل كرّمت تاريخًا، واحتفت بلغةٍ كتبت ذات يوم على الجدران… لتبقى.