التلاعب ببيع تصاريح الخدمات لأغراض الحج: جريمة.

التلاعب ببيع تصاريح الخدمات لأغراض الحج: جريمة.

من نجاح لنجاح للدولة السعوديَّة، وأكبر نجاح سنويٍّ تُقدِّمه المملكة، هو نجاح الخدمات العملاقة لخدمة حجَّاج بيت الله، والمعتمرِين، ورغم تزايد أرقام الحجَّاج والمعتمرِين، إلَّا أنَّ جودة الخدمات المقدَّمة لهم تساهم في تجاوز أيِّ معوِّقات ممكن أنْ تواجههم، والحقيقة لم تُقصِّر المملكة -منذ تأسيسها- في الإنفاق على تطوير المقدَّسات الإسلاميَّة، وفي كل عام يُستفاد من تجربة الأعوام السابقة، ومن أهم أسباب نجاح الحجِّ، ربط عدد الحجاج بالطاقة الاستيعابيَّة للمكان، وتوزيع حصص الحجَّاج بنسبٍ متَّفق عليها مع الدول الإسلاميَّة وغيرها، أمَّا الحجَّاج السعوديُّون، أو المقيمُون فيها؛ فوضعت ضوابط محدَّدة مرتبطة بسنوات معيَّنة؛ للسَّماح لهم بأداء فريضة الحجِّ، وذلك لضمان سلامة وأمن الجميع، خلال تأدية مناسك الحجِّ.

ومن أهمِّ التنظيمات كان تنظيم «لا حجَّ بلا تصريح»، وهو إجراء تنظيمي لضمان أداء فريضة الحجِّ بشكلٍ آمن ومنظم، ويتم منح تصاريح الحجِّ، وفق آليات إلكترونيَّة دقيقة تضمن العدالة والشفافيَّة، حيث لا يُسمح لأيِّ شخصٍ بأداء فريضة الحجِّ دون الحصول على ترخيص رسميٍّ من الجهات المختصَّة، ووفقًا للتعليمات الرسميَّة، فإنَّ محاولة الحجِّ بدون تصريح تُعدُّ مخالفة جسيمة، يعاقب مرتكبها بالحرمان من أداء فريضة الحجِّ لمدة عشر سنوات، وتفرض غرامات ماليَّة، أو عقوبات بالسِّجن على كلِّ مَن يُضبَط وهو يُؤدِّي الحجَّ دون تصريح، كما سيتم إبعاد المقيمين المخالفِين بعد تطبيق العقوبة عليهم، مع منعهم من دخول المملكة لفترةٍ محدَّدةٍ، وتشمل العقوبات أيضًا كلَّ مَن يقوم بنقل أو مساعدة الحجَّاج غير النظاميِّين.

ورغم تنظيم الدولة للحجِّ، وربط الحجِّ بالترخيص، إلَّا أنَّه -وللأسف- يلجأ البعض إلى التحايل على نظام «لا حجَّ بلا تصريح»، ويتم هذا التحايل من بعض ضعاف النفوس، سواء مواطنِينَ أو مقيمِينَ أو موظَّفِينَ في شركات الحجِّ. حيث يلجأون إلى إصدار تراخيص عمالة لخدمة شركات الحجِّ، أو الشركات مقدِّمة الخدمات، ويُقال إنَّها أحيانًا تُعطَى مجاملةً، وأحيانًا تُباع من قِبَل بعض الموظَّفين في شركات الحجِّ، وفي كلتا الحالتين تُعتبر تحايلًا على النظام، وتحايلًا على الدَّولة، وتحايلًا أمام الله؛ لأنَّ مشروعيَّة الحجِّ تأتي من ضمنها عدم مخالفة الأنظمة والقوانين المنظِّمة، وهو تحايل ينبغي على الأجهزة الرقابيَّة متابعته وتطبيق أقصى العقوبات على جميع الأطراف المشاركة في هذا التحايل، وقد أطلقت وزارة الحجِّ عدَّة حملات توعويَّة عبر وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعيِّ؛ للتنبيه على أهميَّة الالتزام بالحصول على التصريح قبل أداء الحجِّ، محذِّرةً من أنَّ محاولات التحايل، أو استخدام تصاريح مزوَّرة تُعدُّ جريمة تستوجب المحاسبة القانونيَّة، ودعت الوزارة المواطنِينَ والمقيمِينَ إلى عدم الاستجابة إلى أيِّ وسطاء يعدون بالحصول على تصاريح خارج القنوات الرسميَّة، وتُشكر جهود وزارة الداخليَّة لتنفيذها خططًا أمنيَّة صارمة على جميع مداخل مكَّة المكرَّمة، بما في ذلك نقاط التفتيش المنتشرة في مختلف الطرق، واستخدام تقنيات المراقبة الحديثة، لرصد أيِّ محاولات تسلُّل.

كما أوضحت هيئة كبار العلماء في المملكة؛ أنَّ مَن يذهب إلى الحجِّ دون تصريح يُعدُّ آثمًا؛ لأنَّه يتجاوز على الأنظمة التي تهدف إلى الحفاظ على سلامة الحجَّاج، وتيسير أداء المناسك بطريقةٍ منظَّمةٍ وآمنةٍ، وأشارت الهيئة إلى أنَّ الشريعة الإسلاميَّة حثَّت على طاعة ولي الأمر في غير معصية، خصوصًا فيما يتعلَّق بتنظيم أمور العبادات الجماعيَّة التي تتطلَّب تنسيقًا كالحجِّ.

وفي السياق ذاته، فإن التحايل للحصول على تصاريح الحج بطرق غير نظامية، كاستصدار تصاريح مزورة، أو استخدام تصاريح الغير، يدخل في دائرة الغش والخداع، وهو محرم شرعا، وهذه الأساليب لا تبرر أداء النسك؛ لأن القصد لا يبرر الوسيلة، إذا كانت الوسيلة محرمة.. وأن الشريعة الإسلامية قائمة على الصدق والنزاهة والعدل، وكل محاولة للالتفاف على الأنظمة تعتبر تعديا على حقوق الآخرين، وتسبب أضرارا في المصالح العامة، كسلامة الحجيج وتنظيم المشاعر.

وعلى المسلمين الالتزام بالأمانة والصدق، وانتظار الدور المشروع، والحصول على التصاريح النظاميَّة لأداء فريضة الحجِّ، حيث إنَّ النية الصادقة تُكتب عند الله، وأنَّ مَن حُرم الحج هذا العام؛ لعدم حصوله على تصريح، فله أجر النيَّة، وأنَّ الحجَّ لا يجب إلَّا مرَّة واحدة في العمر لِمَن استطَاعَ إِليهِ سَبيلًا.