إسرائيل والنهاية الثالثة..!!

إسرائيل والنهاية الثالثة..!!

من باب التعاطف مع فلسطين، الواقعة تحت براثن إسرائيل، أسهب الكثير من الباحثين العرب والمسلمين في توقُّع قُرْب زوال إسرائيل، وتحوُّلها إلى أثرٍ بعد عين، فهل لتوقُّعهم هذا مصداقيَّة وقيمة موثوقة؟.

بادئ ذي بدء، علينا أنْ نعرف أنَّ إسرائيل كيانٌ ظالمٌ، ولا يوجد على مرِّ التاريخ كيانٌ ظالمٌ قد دام له الاستقرار، بل زال من صفحات التاريخ والجغرافيا والبشريَّة، وهذا وعدٌ من الله للظالمين، لابُدَّ وأنْ يتحقَّق.

وقد بلغت إسرائيل من الظلم، أنَّها تقتل بدمٍ باردٍ عشرات الآلاف من الأطفال، والنساء، والشيوخ، وتُجوِّع أكثر من مليوني فلسطينيٍّ، وتسعى لإبادتهم جماعيًّا، أو تهجيرهم من وطنهم دون أيِّ شعور بالإنسانيَّة!.

وإسرائيل تقترب من عامها الثمانين، ولا تبدو في أحسن حال، وهناك انقسام كبير بين اليهود داخلها، وكراهية الناس تزداد لها حول العالم، حتَّى في الدول التي هاجر منها اليهود إلى فلسطين، وكانت معروفة بموالاتها لإسرائيل طيلة عقود، لكنَّهم غيَّروا موقفهم، وتعاطفوا مع فلسطين، بعد أنْ عاينوا فداحة الظلم الذي تمارسه إسرائيل.

وهناك مفارقة عجيبة لإسرائيل، مع المُدَّة ٨٠ عامًا، فمملكة داوود وسليمان -عليهما السلام- قبل وبعد بعثتيهما، لم تدم أكثر من ٨٠ عامًا، ومملكة الحشمونيَّين اليهودية -هي الأخرى- لم تُعمِّر أكثر من ٨٠ عامًا، وهاهي إسرائيل تقترب من عامها الـ٨٠ وقيادتها النتنة لا تعرف سوى مزيد من القتل، الذي هو أشدُّ درجات الظلم، وهي تواجه مقاومة فلسطينيَّة في غزَّة صامدة وصلبة، رغم قلَّة العتاد، والحصار، وكثرة القروح والجروح، وتمتاز ببراعة الاشتباكات البريَّة، حتَّى من مسافة الصفر!.

وبعض اليهود مثل الأرثوذكس الحريديم، يؤمنون أصلًا أنَّ إنشاء إسرائيل مُحرَّم في عقيدتهم قبل نزول المسيح -عليه السَّلام-، ورفضوها منذ تأسيسها في عام ١٩٤٨، أمَّا التيّار الصهيونيُّ العِلْمانيُّ، فهو يُفسِّر العقيدة اليهوديَّة على هواه، ويتجاهلها ويُركِّز على السياسة والقوة العسكريَّة والاعتماد على الغرب.

وللمُفكِّر اليهوديِّ الدينيِّ بيشعياهو ليبوفيتش رأي خطير، إذ يقول: إنّ (علامة زوال إسرائيل تبدأ من انهيارها الأخلاقيِّ).. انتهى الاقتباس، وهل هناك انهيار أخلاقيٌّ لإسرائيل أكبر ممَّا تفعله الآن في غزَّة؟.

والله -عزَّ وجلَّ- يقول في كتابه الكريم عن الدول الظالمة: (وَتِلْكَ القُرَى أهْلَكْنَاهُمْ لمّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدَا)، والموعد الإلهي محتوم، ولا يتأخَّر ساعة ولا يستقدم أخرى، وإنْ غفِلَت عنه هذه الدول، وطالما كان الظلمُ سِمة لإسرائيل فستزول، وهذا هو يقيني، ويبقى السؤال عن تكرار مُدَّة الـ٨٠ عامًا للزوال أم يزيدها الله؟ إذ لم يبق منها إلَّا سنتان لإسرائيل الحاليَّة، فهل سيشهد جيلنا الحالي هذا الزوال أم غيره من الأجيال العربيَّة والمسلمة؟.

الله أعلم.

[email protected]

@T_algashgari