الحوكمة: أداة فعّالة تحمل مخاطر مزدوجة

الهدف من الحوكمة؛ هو ضمان عدم استغلال الشركة من قِبَل الملاك والإدارة التنفيذية لتمرير مصالح خاصة. وتنطبق الحوكمة على كافة الشركات، وحتى المؤسسات الحكومية. والهدف هو حماية النظام من الاستغلال الفردي. بحيث يُنظَر إلى منافع وعقود الشركة، والتأكد من عدم وجود فائدة يمكن أن تتحقق لفئةٍ دون أخرى، أو تضر الشركة في أعمالها. وبالتالي يصبح الهدف منها وتطبيقه ومجال تطبيقه واضحاً. ولكن يبدو أن هناك خيطاً رفيعاً يتم من خلاله تحجيم الملاك في ممارسة حقهم، أو في اتخاذ القرارات الخاصة بالشركة، بحيث يتم شل الملاك ومنعهم من القيام بأي قرار لا يضر الشركة؛ أو يؤثر سلباً عليها بحجة الحوكمة. والمفترض أن تكون هناك مراجعة وتحديد بدقة: ما هو المؤثر السلبي على الأداء؟ وليس الحجر الكامل على الملاك؛ ومنعهم من اتخاذ أي قرار أو تدخُّل.
المفروض أن يتم تعريف الحوكمة بدقة وتفصيل، ولا يكتفى بالتعميم عند صياغة الإستراتيجية والإجراءات والأنظمة الداخلية. فالملاك لهم حقوق ولهم امتيازات لا يجب أن تُعطل من قبل الإدارة التنفيذية لتحقيق سلطة أكبر، وإطلاق يدهم بصورة أكبر، وتحجيم الملاك في دورهم.
يجب أن يكون هناك خط واضح في ما يُعرف بالتدخل في السلطات والصلاحيات، وضمان عدم الاستغلال بصورة سلبية، بحيث تنعكس في النهاية لمصلحة البعض ضد الآخر. كما أن الحوكمة تهدف لمنع الاستغلال، فهي تشمل المؤسسة بكاملها، وليس جانباً محدداً فيها.
لذلك، يجب أن تكون صياغة الأنظمة والقوانين والإجراءات داخل المنظمة دقيقة ومفصلة لتحقيق العدالة في اتخاذ القرار على كافة المستويات. بحيث لا تترك الأمور والتفاصيل دون تحليل وتمحيص. فالملاك في النهاية لهم حق، والشركة جزء من ملكيتهم، ولهم حق التصرف فيها. ولا يجب أن تترك للإدارة التنفيذية صياغة الأنظمة وحدهم بهدف حجر القرار، واستبعاد البعض دون البعض الآخر.
يبدو أن موجة تطبيق الحوكمة والاهتمام بوجودها؛ والحد من التداخل بين الملاك والإدارة التنفيذية، أخذ الجانب الأقصى في التعامل، وكان هناك فصل فعلي يستلزم استبعاد الملاك بصورة كاملة من الصورة. يجب أن تعود الأمور إلى نصابها، ونعي أن الإفراط في التطبيق يؤدي إلى التعدي؛ وظلم فئة لا تستحق أن تُعَامَل بهذه الطريقة، والاعتدال في الأمور من الأشياء الواجب اتباعها.