تتبع الزمن منذ بداية البشرية

الساعة ليست سوى آلة لحساب الوقت، والوقت ليس إلا كمية فيزيائية متغيرة يُشار إليه بوحدته الرئيسية «الثانية» وفقاً لنظام الوحدات العالمي، ولا يمكن اشتقاقها من أي وحدة أخرى كما هو الحال بالنسبة لوحدة قياس الطول «المتر»، ووحدة قياس الوزن «الكيلوغرام».
وتعتبر ساعة قياس الوقت من أهم اختراعات البشرية عبر العصور، فمنذ فجر البشرية اهتم الناس بالوقت اهتماماً بالغاً، فقاس الناس قديماً الوقت بالشمس، والظل، والنجوم، لكن في كثير من الأحيان كان يتعذر القيام بذلك لعدة أسباب منها: سوء الأحوال الجوية، أو انعدام الرؤية في مكانٍ مظلم، وكما يقول المثل الشعبي الدارج: «إن الحاجة أم الاختراع»، فقد كان من الضروري وجود جهاز يقوم بقياس الوقت.
ويعود الفضل في تقسيم عدد ساعات اليوم على الشكل الحالي إلى تراكمات ثقافية مرت عبر أجيال بشرية وحضارات متعاقبة؛ إذ يقول المختص في علم قياس الوقت «مايكل. أ. لومباردي» من المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا في مدينة (بولدر) في شرق ولاية كولورادو في الولايات المتحدة الأمريكية: إنه لمن حسن الحظ أن المؤرخين لديهم وثائق تثبت أن الفراعنة هم أول من ابتكر نظاماً لقياس الوقت، وكان ذلك قبل الميلاد بحوالى 1500 عام.
وما تذكره الوثائق التاريخية أيضاً؛ هو أن المصريين القدماء هم مَن ابتكروا «مزولة شمسية» يسقط بها الظل على نصف دائرة مقسمة إلى 12 جزءاً متساوياً، ويرمز كل جزء إلى وقت محدد ابتداءً من الشروق إلى الغروب.
وقد تطورت أجهزة قياس الوقت من الشمسية التي انتشرت منذ فجر البشرية في العالم القديم، إلى المائية، وكان للعرب والمسلمين دور في اختراع الساعة الرملية والساعة المائية والشمعية، وتعتبر المسلات الشمسية هي أقدم آلة لقياس للوقت، إذ تم تشييدها قبل حوالي 3500 سنة قبل الميلاد.
ثم جاءت بعدها ما تسمى بالساعة البخورية، التي ذاع صيتها شرقي آسيا، وهي تعتمد على أعواد وعصي من البخور تحترق بمعدل معروف، تلتها الساعات ذات التروس والموازين، وتوالت الساعات، فتم اختراع الساعة الميكانيكية، والتي يرجع الفضل في اختراعها إلى الصينيين «ليانغ لينغزان وي شينغ»، والتي لم تنتشر في الغرب إلا في القرن الرابع عشر الميلادي، وقد استخدمت في الأديرة في العصور الوسطى لتنظيم أوقات الصلوات.
وظلت الساعات الرقاصة والميكانيكية تستخدم في قياس الوقت؛ إلى أن وصلنا لساعة اليد، وبعدها الساعة الذرية، والتي تعد من أدق الساعات التي تم تصنيعها حتى الآن، بحيث يصل معدل الخطأ فيها لبضع ثوان في كل ألف عام، وأخيراً وصلنا للساعة الإلكترونية الحديثة.