احتووا مشاعر الشيوخ الذين وضعوا القوانين

لا أذكر طيلة حياتي أنَّني رأيتُ مواقف سيَّارات مُخصَّصة فقط لكِبار السنِّ ممَّن تجاوزوا الخامسة والستِّين من العُمر، بجوار مرافقنا الحكوميَّة، أو الأهليَّة، أو التجاريَّة، رغم حاجتهم الماسَّة إليها بنفس القدر، أو أقل بقليل من حاجة أصحاب الإعاقات لهذه المواقف -شفاهم الله أجمعين-!.
وكِبارُ السنِّ، ومعظمهم مُصابون بالأمراض المزمنة، وربَّما يُعانون من المضاعفات الخطيرة لهذه الأمراض، ويحتاجون لمواقف سيَّارات قريبة من المرافق؛ لأنَّ معاملتهم مثل الشباب المفتول العضلات فيها بعضٌ من الجحود لكِبر سِنِّهم، وليس هناك أشقُّ على كبير السِنِّ من إيقاف سيَّارته بعيدًا عن المرافق بعشرات أو مئات الأمتار، ثمَّ المشي تحت لهيب الشمس الساخنة؛ كي يصل إلى مُبتغاه مُنهكًا ليس فيه طاقة تُعينه على التحمُّل!.
وبعض الدول تُصنِّف السِنَّ الكبيرة كنوعٍ من أنواع الإعاقات، ولا تنتظر أنْ يُوضع كبير السِنِّ على كرسيٍّ متحرِّك حتَّى يُمنح ميزة لموقف سيَّارات بجوار المرفق الذي يراجعه، مثل ألمانيا، وكندا، وكوريا الجنوبيَّة، وغيرها من الدول المتطوِّرة في تشريعات العناية بكبار السِنِّ، ومنها توفير مواقف سيَّارات قريبة من المرافق، وهذه التشريعات حضاريَّة، ولا تُثْقِلُ كاهل الجهات المعنيَّة، بل تُظهِر احترامها الشديد لكِبار السنِّ، وحبَّها لهم، وعنايتها بهم، بعد أنْ أصابهم الكِبَر إثر خدمتهم الطويلة في العمل.
ومن المُشَاهَدِ حاليًّا أنَّ كِبار السنِّ، وفيما لو أوقفوا سيَّاراتهم في مواقف أصحاب الإعاقات الخالية، معظم الأوقات لقلَّة أعداد هؤلاء الأخيرين بجوار صيدليَّة، أو مستشفى -مثلًا- تُسجَّل ضدَّهم مُخالفات بغرامات قيمتها مئات الريالات، ويُساوون في هذا مع الشباب الذين ليس لهم حاجة لإيقاف سيَّاراتهم فيها، وهذا ليس إنصافًا لِكِبار السنِّ، وهم يستحقُّون مُعاملة أفضل.
وأنا أدعو الأمانات وإدارات المرور لِشَمْلِ كبار السنِّ في مواقف السيَّارات القريبة من المرافق، وإصدار ستيكرات تعريفيَّة بهم تُلصق على زجاج سيَّاراتهم لمساعدتهم وتجنُّبهم للمُخالفات والغرامات، ولو قدَّرْنا كِبار السِنِّ حقَّ قدرهم، فهذا ليس -فقط- واجبًا شرعيًّا نظريًّا، بل واقع حضاري لافت للنَّظر.
ارحموا كبيرَ قومٍ قد سَنَّ.