لا للعبارات الفارغة.. ولا للتجاوزات

لا للعبارات الفارغة.. ولا للتجاوزات

الحج عبادة عظيمة، شرَّف الله بها المسلمين، فاختصَّها بزمان ومكان وأعمال، وقال عنها: (وَلِلهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا). هذه الفريضة لله وحده، طُهِّرت من كل مظاهر الجدل، والرفث، والفسوق، لتكون مدرسة إيمانيَّة خالصة، يتساوى فيها الغني والفقير، المسؤول والمواطن، لا صوت يعلو على التلبية: «لبيك اللهم لبيك».

ومع ذلك، تظهر في كل عام محاولات تسييس هذا الركن، أو تحويله إلى منبر للصراع والخطاب المؤدلج، وهي محاولات تخالف جوهر الحجِّ وروحه، وتُسيء إلى قدسيته ووحدته الجامعة. الحجُّ لا يُوجَّه فيه خطاب خارج التلبية، ولا يُستَغل لغير العبادة، هو وقت للسكينة، والانقطاع إلى الله، واستحضار المعنى الحقيقي للتجرُّد من الأهواء والتفرُّغ للتقوى.

ومن صور الوعي المطلوبة، أنْ يدرك الحاجُّ أهميَّة الالتزام بالأنظمة التي وضعتها الدولة لتنظيم الحجِّ، فهي وُضعت من أجل سلامة الجميع. أداء الحجِّ دون تصريح يُعدُّ تعدِّيًا على حقوق الآخرين، ويُسبِّب ضغطًا على المنظومة الأمنيَّة والصحيَّة والخدميَّة؛ ممَّا قد يؤدِّي إلى حوادث لا تُحمد عقباها. التَّصريح مسؤولية، يضمن أداءً آمنًا ومنظَّمًا.

لَا رفثَ ولَا فسوقَ ولَا جدالَ في الحجِّ، ومَن يعي هذا المعنى يحرصُ على أنْ لا يُسبِّب أذى لأحد، ولا يعتدي على النظام العام، ولا يجعل من الحجِّ مناسبة لتصفية مواقف، أو خرقًا للقوانين.

الوعي الحقيقي بالحجِّ أنْ تؤدِّي نسكك وأنت تعلم أنَّك ضيف الرَّحمن، وأنَّك في أرضه، وبين يديه، فلا ترفع شعارًا إلَّا «لبيك اللهم لبيك»، ولا تُردِّد إلَّا: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً).