الأمن والاقتصاد في سوريا: حالة الاستقرار

دأبت المملكة العربيَّة السعوديَّة على السَّعي بكل إمكانياتها الدبلوماسيَّة والاقتصاديَّة، ومكانتها الدوليَّة على أمن واستقرار ورفاه جيرانها، كذلك حرصت على التدخل الإيجابي لفضِّ الخلافات الداخليَّة، والنزاعات الحدوديَّة، إسلاميًّا ودوليًّا، كما حدث خلال الأزمة التي كادت أنْ تتحوَّل إلى حرب شعواء بين باكستان والهند، أو خلال الحرب الروسيَّة الأوكرانيَّة.
خلال هذه المرحلة التي تعيشها سوريا الجارة والدولة الشقيقة، لم يتوقَّف دعم السعوديَّة للقيادة والشعب السوريِّ فيما يمكن تسميته: «سوريا بعد هروب بشار، أو بعد نهاية قبضة الأسدين».
خطوات عديدة متناسقة ومتواصلة قامت بها السعوديَّة؛ لتعزيز الأمن والاستقرار في سوريا على وجه الخصوص، فقد دعمت الرئيس السوري أحمد الشرع منذ الأيام الأولى لحكومته، ويُحسب للسعوديَّة أنَّ أوَّل طائرة هبطت في مطار دمشق بعد سقوط نظام بشار كانت طائرة سعوديَّة.
كذلك يأتي ضمن الدعم، زيارة وفد سعوديٍّ لسوريا بتاريخ 22 ديسمبر 2024م، ثمَّ قام سمو وزير الخارجيَّة بزيارة لسوريا، التقى خلالها الرئيس السوري أحمد الشرع، في 24 يناير 2025م، معبِّرًا عن دعم المملكة لسوريا وشعبها الشقيق.
استضافت السعوديَّة الاجتماع الثلاثي: «السعودي – السوري – الأمريكي»، كما قادت جهدًا دبلوماسيًّا نشطًا لدعوة الأطراف الدوليَّة لرفع العقوبات المفروضة على سوريا، وتمكَّنت من رفع العقوبات نتيجة وساطة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، في مشهد ضجَّ به العالم، كما ابتهج له الشعب السوري.
يسهم رفع العقوبات الأمريكيَّة عن سوريا، ودعم الرواتب، في تعزيز أمن واستقرار سوريا، ولأنَّ السعوديَّة تمتلك الإمكانيات لإحداث التغيير في المواقف والقرارات؛ لما تمتلكه من مكانة دوليَّة وثقل سياسيٍّ واقتصاديٍّ ودبلوماسيٍّ، كما أنَّها عضو في مجموعة العشرين، كانت الوجهة الأولى لزيارة رئيس أمريكا.
سوريا التي تعود بعد ثورة طويلة أنهكت مفاصلها، وأهدرت مواردها، وشتتت شعبها، بحاجة إلى جهود حضنها العربي، الذي عادت إليه بعد جفاء طويل، سوريا التي تسعى لنهضة جديدة تعيدها خضراء فواحة بعطر الياسمين، الذي كان يعشش على الحيطان، وينشر الشذى فتهفو له النفوس، تقف خلفها المملكة العربية السعودية وقفة أخ شقيق، وجار يرعى حق الجوار، وصديق يوفي بالتزاماته دعماً ومؤازرة.
«استمرارًا لجهود السعوديَّة في دعم وتسريع وتيرة تعافى الاقتصاد السوريِّ، وامتدادًا لدعمها السَّابق في سداد متأخِّرات سوريا لدى مجموعة البنك الدولي، والتي بلغت (15) مليون دولار تقريبًا، أعلنت السعودية ودولة قطر عن تقديم دعم ماليٍّ مشترك للعاملين في القطاع العام بالجمهوريَّة السوريَّة لمدَّة ثلاثة أشهر».
لذلك نشاهد بفخر جهود المملكة العربيَّة السعوديَّة لعودة الاستقرار والأمن في سوريا، والوفاء بالتزامات الشقيقة الكُبْرى «السعوديَّة» تجاه سوريا، ودعم تعافي الاقتصاد السوريِّ، ليس فقط بتوفير رواتب ثلاثة أشهر للعاملين في القطاع العام، بل أيضًا جذب الاستثمار الذي لم يجد له موطئ قدم خلال حكم الأسدين -حافظ، وبشار- الحكم الديكتاتوري، حيث هرب معظم تجَّار سوريا إلى دول الجوار، أو إلى أوروبا خلال الثورة السوريَّة التي قامت ولم تقعد ولم تستقر، إلَّا بهروب بشار الأسد أخيرًا، ولكن بعد أنْ تمزَّقت الدولة السوريَّة، وتشتَّت شعبها، ونفق اقتصادها. الدعم السعودي الشامل تجلَّى خلال هذه الفترة بوصول سمو وزير الخارجيَّة الأمير فيصل بن فرحان إلى سوريا، لبحث فرص الاستثمار فيها، مصطحبًا معه عددًا من الشخصيَّات ذات العلاقة الاقتصاديَّة والاستثماريَّة.
رغم انشغال كافَّة أجهزة الدولة في المملكة بموسم حجِّ 1446هـ/ 2025م، وما يترتَّب على وجود أكثر من مليون حاج في رحاب مكَّة المكرَّمة، وبين المشاعر في أيام معدودات، وكثافة ودقَّة العمل في كافَّة مؤسسات الدولة، بين استقبال الوفود وتنظيم حركة الحجيج، وتوفير الرعاية الصحيَّة والأمن خلال هذه الفترة من موسم الحجِّ، إلَّا أنَّ الجهود الدبلوماسيَّة مازالت في حركة مكوكيَّة بين الرياض ودمشق، كي لا تتأخَّر حركة البناء والتنمية في سوريا، والمساهمة في تحسين الظروف المعيشيَّة للشعب السوري.