تحقيق الأهداف من خلال الخيال: أمثلة حقيقية وعملية

تحقيق الأهداف من خلال الخيال: أمثلة حقيقية وعملية

بناءً على ما يجول في أذهاننا، وما نفكِّر به، يقوم الجانب اللاشعوري بداخل كل شخص منا، بدور كبير ومؤثر في تهيئة الظروف والأحداث والأشخاص، وما حوله، وكل ما يريد لتحقيق الأحداث للتخلُّص من فكرة سلبيَّة مقلقة، وذلك حينما يتشرَّب فكرة إيجابيَّة بدلًا منها، فيؤمن بها ويرسِّخها في الذهن، ويتخيَّل تحقيقها على أرض الواقع، من خلال (التخيُّل) أو التصوُّر، والذي هو من أهم قوانين العقل الباطن، والذي له شواهد كثيرة في القرآن الكريم، والسُّنة النبويَّة، وقد ذكرتُ بعضًا منها في مقالة سابقة بعنوان (الأفكار المولدة للسلوك أصلها ديني)، وهذا التخيُّل يكون في أفضل حالاته ونشاطه قبيل لحظات النوم، مع التوكيدات اللفظيَّة، كما أكد على ذلك المختصُّون في علم النَّفس، حينما يكون العقل الواعي مجهدًا.

لو كنت -على سبيل المثال- شخصًا لديه رُهاب اجتماعي، أو خوف وقلق -يضعف تقدير الذات فيزعزع الثقة بالنَّفس- ولديك مناسبة اجتماعيَّة في اليوم التالي، فإنَّك تفعِّل قانون التخيُّل قبيل لحظات النوم، فتتصوَّر الاجتماع في المناسبة مع ممارسة التوكيدات اللفظيَّة بينك وبين نفسك بصوت هادئٍ، وبكلماتٍ ورسائلَ مختصرة واضحة ومكرَّرة، وفي استرخاء تام. أنا بصحة جيدة -ولله الحمد- وواثق من نفسي -بإذن الله- وحينما أصل المكان المحدد غدًا، فإنَّ لديَّ القدرة على التحدُّث، وسأسلم على الجميع، وأنا مبتسم، ورأسي مرفوع، وحينما التقي بفلان سأبارك له مولوده الجديد، وسأهنئ فلانًا بسلامة الوصول من السَّفر، وسأقول كذا، وكذا، وسنقضي جميعًا وقتًا ممتعًا وجميلًا، وأتخيَّلهم مبتسمين، ويبادلونني نفس المشاعر الطَّيبة، وإنَّ أحدهم يُثني عليَّ، والآخر تكوَّنت بيني وبينه علاقة مودَّة، وفي نفس الوقت لابُدَّ أنْ تتخيَّل وتتوقَّع أنْ تأتيك كلمة طائشة، أو جارحة من أحدهم؛ لتسأل نفسك: كيف أتعامل معها؟ وهل أتجاهلها؟.. وهكذا تتخيَّل الأحداث بشكل مسبق، ليس تشاؤمًا، أو من باب سوء الظَّن، ولكن لكي تهيئ نفسك لتعيش الأجواء، ولتطمئن أكثر وأكثر حينما تتصوَّر النتيجة الإيجابيَّة في مثل هذه المناسبات؛ لتحقيق ما تريد.

مثال آخر حينما يعمل أحدهم في مكان ما، في أحد الأقسام، وفي داخله يشعر بأنَّ هذه الوظيفة، أو المنصب لم يحقق طموحاته ورغباته، ومؤهلاته وشهاداته التي يحملها، وكل ما لديه من مهارات وقدرات، وما يسعى إليه، فيقرر أنْ يبحث عن وظيفة أفضل هنا وهناك، حتى جاء موعد مقابلة وظيفيَّة في بيئة أُخْرى مختلفة، ومنصب أفضل ممَّا هو عليه، فقبل أنْ يذهب إليها يحدِّث نفسه متخيِّلًا الموقف؛ إذا ذهبتُ غدًا للمقابلة، سأتحدَّث بكلام واضح، وسيقبلونني -بإذن الله- لأنَّ لديَّ من المهارات والقدرات ما يؤهلني لهذا المنصب، وهذه الوظيفة، وحين المقابلة إذا سألوني عن السؤال الفلاني سأجيب عنه، وسيعجبون بي؛ لأنِّي سأفرض احترامي وشخصيَّتي عليهم، وتتخيَّل بأنَّك تجاوزت هذه المقابلة بنجاح، وبأنك تدخل عملك الجديد -الذي عرفته وقرأت عنه مسبقًا- وأنَّ الموظفين يسلِّمون عليك، ويهنئونك، والجميع يبارك لك، كل هذا التصوُّر والتخيُّل يجعل ما تريد متحققًا واقعًا -بإذن الله- ويجعلك مستعدًّا ومطمئنًا أكثر لهذه المقابلة وغيرها؛ ممَّا تفكِّر به فيتحوَّل حينها الشعور السلبي الى إيجابيٍّ؛ لأنَّ من سمات العقل الباطن أنَّه يقوِّي الدوافع، ويحفِّز المشاعر المولدة للسلوك والتصرُّفات، من خلال قوانينه، والتي من أهمها كما ذكرنا قانون (التخيُّل) المقرون بالتوكيدات اللفظيَّة.