لماذا أصبحت السعودية محوراً رئيسياً؟

هذا السؤال ليس جديدًا، ولكن الإجابات عليه تتجدد وتزداد وضوحًا وترسيخًا وصمودًا مع مرور الوقت، وتحديدًا في كل عام عندما تجتمع الملايين من أقطار العالم لأداء فريضة الحجِّ حسب تعاليم الإسلام بمواقيتها الزمنيَّة والمكانيَّة المحدَّدة ذروتها الوقوف في مشعر عرفات في اليوم التاسع من شهر ذي الحجَّة من كل عام. ومن المعلوم أنَّ الحدث ديني، ولكن لا شيء في الحياة يخلو من العوامل السياسيَّة والاقتصاديَّة وبما تتطلَّبه من إعداد وتنسيق مع دول العالم وأخذ كل الاحتياطات الأمنيَّة والصحيَّة والتسهيلات خلال رحلة العمر التي فرضها الله على كل مسلم ومسلمة مرَّة في العمر لمن استطاع إلى ذلك سبيلًا، والاستطاعة هنا شرط لازم -كما نصَّ عليه الركن الخامس من أركان الإسلام- والله رؤوف بعبده، والاستطاعة تشمل الصحَّة والقدرة الماليَّة.
والواقع يثبت أنَّ ما تقوم به السعودية من توسعات في مكَّة المكرَّمة والمدينة المنوَّرة وخدمات ورعاية أمنيَّة وصحيَّة وتسهيلات عامَّة خلال موسم الحجِّ والعُمرة على مدار العام تُعدُّ جهودًا استثنائيَّة بكل المقاييس وكل ذلك تحت محط أنظار العالم من خلال بث إعلامي مباشر بمعظم اللغات على مدار الساعة، والعالم يشهد حركة الحجَّاج والمعتمرين برعاية حضاريَّة متميِّزة بعيدًا عن الخوف والفوضى، ولا ينكر ذلك إلَّا جاحد وجاهل بما تتطلَّبه رعاية الحرمين الشَّريفين لتمكين المسلمين من أداء الفرض الخامس من أركان الإسلام.
من بداية العهد السعودي الثالث على يد الملك عبدالعزيز ركَّزت سياسة السعوديَّة على التنمية المستدامة بداية بالتعليم والصحَّة والأمن والاستقرار، وبعد تدفق الطاقة البترولية أصبحت أكبر منتج، ولاعبًا أساسًا في شؤون الطاقة، حافظت على سياسة معتدلة شاركت في النمو العالمي، وطورت قدراتها لتلبية احتياجات الأسواق العالميَّة بإدارة حكيمة، وهذا عامل جوهري في التعاملات الدولية.
رعاية الأماكن المقدَّسة وتطويرها لتلبية متطلبات المسلمين، وتمكين الحجَّاج والمعتمرين من أداء فريضتهم في أمن وأمان عنصر أساس وإستراتيجي من سياسة المملكة الداخليَّة والخارجيَّة.
والسياسة الواقعيَّة تتطلَّب ارتكاز تنمية العلاقات الخارجيَّة على رُؤية واضحة وممارسات تنمويَّة داخليَّة، وعليها تنطلق المصداقية للممارسات على الساحة الدوليَّة، ونيل حق الانضمام للمراكز الكُبْرى مثل مجموعة العشرين.. أكبر الدول المهمَّة في الاقتصاد العالمي ومنظومة الأمم المتحدة بصفة عامَّة والمشاركة الإيجابيَّة في حوارات السلم العالمي.. والمحركات الرئيسة المؤثرة في العالم. ولذلك نالت السعودية موقع دولة محوريَّة، ومحط أنظار العالم بسياسة الوفاق وتقريب وجهات النظر في القضايا الإقليميَّة.
وآخر دعوانا لحجَّاج بيت الله الحرام بالقبول والغفران، وعودتهم إلى أهليهم بأمن وسلام.
حفظ الله خادم الحرمين الشَّريفين، وولي العهد الأمين محمد بن سلمان، وكل القائمين على شؤون الحجِّ والعُمرة، والحمد لله رب العالمين.