«مدى الحياة» بين العافية والمرض!

أهدتني عالمة المناعة والبروفيسور في قسم علوم الأحياء بجامعة الملك عبدالعزيز الزميلة عالية دهلوي كتابا يحمل عنوان «طول العمر: علومه وفنونه» لمؤلفه الطبيب الجراح بيتر عطية وساعده في كتابته بيل جيفورد، المؤلف كان جراحا ماهرا مارس العمليات الجراحية في مستشفى جونز هوبكنز في امريكا الا أنه بعد فترة ترك تخصصه في الجراحة واتجه إلى التركيز على دراسات وأبحاث الشيخوخة وامراضها، وذكر أن الإنسان يُواجَه بعد سن الأربعين بأربعة أمراض هي إلى حد بعيد أهم أمراض الشيخوخة وهي أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان والسكر من النوع الثاني والخرف (الزهايمر).
إن مشكلة هذه الأمراض مع الطب والأطباء أنها تصل إليهم متأخرة كتشخيص فيكون التدخل لعلاجها كذلك متأخرا، ومع ذلك تعالج ويتحقق عنها إطالة العمر لكن يتم ذلك على حساب جودة الحياة، وهنا تكمن المشكلة لأنه كلما تقدم الإنسان في العمر يجب أن تكون صحته جيدة وليست طول عمر مع ملازمة مرض أو عدة أمراض، لذلك فإنه تبنى هذا النوع من الدراسة لسبر أغوار الوقاية من أمراض الشيخوخة.
الكاتب لا يتحدث فِي كتابه عن الناحية الوراثية، إنما يلامس موضوع استباق ما فوق الوراثة قبل حلول الشيخوخة وهو موضوع تحدثت عنه بالتفصيل في مقال سابق تحت عنوان «الوراثة وما فوق الوراثة».
كما يقترح الكاتب في كتابه طول العمر نهجا حياتيا لتمديد العمر والعمل على تحسين الصحة البدنية والذهنية والعاطفية ويتوسع في شرح ذلك النهج وما يجب القيام به لتحقيق ذلك، وهو في كل ذلك يعطي نماذج من مرضاه، وأفرد الكاتب تفصيلا كبيرا وشرحا وافيا عن أمراض القلب والأوعية الدموية والأسباب الرئيسية في إحداثها وركز بدرجة كبيرة على التدخين كأول وأخطر سبب فيما له علاقة بالجلطات وانسداد الشرايين، كما أسهب في البحث العلمي والتجريبي والحياتي عن السرطان وكيفية الوقاية منه، وتحدث عن حالات تابعها بنفسه عن الزهايمر وتحدث في ذلك حديثا علميا رائعا، وهكذا فإن الكتاب فريد من نوعه ويستهوي من له ميول علمية وبحثية وإذا الله أكرمني مستقبلا فإنني أفكر في تبسيطه والتركيز على آهم ما جاء به وإخراجه بنفس الاسم والعنوان، فالشكر على الإهداء بروفيسور عالية وهذا النوع من الإهداء يستهويني كثيرا لأن محتواه علم والعلم شأنه رفعة الدرجات (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ).