تحذير قانوني بشأن عواقب إغلاق أبرز مركز طبي في جنوب غزة

تحذير قانوني بشأن عواقب إغلاق أبرز مركز طبي في جنوب غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

حذر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان من التداعيات الكارثية المحتملة لإخراج مجمع ناصر الطبي من الخدمة، وهو آخر المستشفيات الرئيسة العاملة في جنوب قطاع غزة، ويقدّم الرعاية الطبية لأكثر من 600 ألف مواطن، في ظل الانهيار الكامل للمنظومة الصحية في بقية مناطق القطاع.

ورأى المركز في بيان له الجمعة، أن استهداف هذا المرفق الحيوي أو فرض إخلائه تحت التهديد العسكري جريمة بحق السكان المدنيين، ويهدد بوقف الرعاية الصحية الطارئة لآلاف الضحايا والمرضى، خاصة أن المستشفى يعمل حاليًا بطاقته القصوى ويضم قسم العناية المكثفة أكثر من 51 مريضًا، ويستقبل الحالات الطارئة في ممراته مع اشتداد العملية العسكرية الإسرائيلية، بالتزامن مع نقص حاد في الأدوية والمعدات والوقود.

يأتي ذلك في أعقاب إصدار قوات الاحتلال الإسرائيلي أمس الخميس، أوامر بإخلاء الأحياء السكنية المحيطة بمجمع ناصر الطبي بمدينة غزة، وسط تقارير تفيد بتمركز دبابات وجنود الاحتلال على مسافة قريبة منه، ما ينذر باحتمال اقتحامه أو قصفه، وهو ما حدث سابقًا للمجمع نفسه ومستشفيات أخرى شمال وجنوب قطاع غزة.

يؤكد المركز بأن استهداف مجمع ناصر الطبي، الذي أعيد تأهيله بعد تدميره جزئيًا خلال فبراير 2024، يعكس إصرار قوات الاحتلال على تفريغ جنوب قطاع غزة من أي بنية تحتية صحية متبقية، خصوصًا بعد تدمير مستشفى غزة الأوروبي.

ويعد مجمع ناصر الطبي المستشفى الوحيد في جنوب قطاع غزة الذي يقدم الخدمات التخصصية كخدمة غسيل الكلى والحضانات والعناية المركزة والعمليات، وعلاج مرضى السرطان، وتوقف هذه الخدمات يعني إمعان في قتل المرضى.

كما أن الإخلاء القسري لمئات الآلاف من النازحين المقيمين في محيط المستشفى ومراكز الإيواء المجاورة يفاقم من حجم الكارثة، إذ يُجبر السكان مجددًا على النزوح إلى مناطق مكتظة وغير مؤهلة غرب مدينة خانيونس، في ظل غياب أي ملاذ آمن داخل جميع مناطق القطاع.

وأكد المركز بالتوازي مع ذلك، تتصاعد الانتهاكات الإسرائيلية باستهداف مقومات الحياة الأساسية، وفي مقدمتها قطاع الكهرباء والاتصالات والإنترنت، حيث أكدت هيئة تنظيم قطاع الاتصالات الفلسطينية أن المسار الأخير للفايبر قد دُمر بالكامل، مما أدى إلى انقطاع تام في خدمات الاتصال والانترنت في كامل مناطق قطاع غزة.

ويعزل هذا الانقطاع غزة رقميًا عن العالم، ويشل قدرة الطواقم الطبية على التنسيق والاستجابة، ويمنع المواطنين من الوصول لخدمات الإسعاف والطوارئ.

ويتزامن ذلك مع تفاقم أزمة الوقود الحادة، والتي تهدد بتوقف المولدات الكهربائية عن العمل، لا سيما في مستشفيات ناصر والشفاء والأهلي العربي، دون أن تسمح سلطات الاحتلال بإدخال الوقود أو قطع الغيار لإصلاح وتشغيل المولدات، في ظل حصار خانق ومستمر منذ أكثر من ثلاثة أشهر، تسبب بنفاد الأدوية وانهيار خدمات الجراحة والإنعاش.

وأكد المركز بأن ما ترتكبه سلطات الاحتلال في قطاع غزة، من تهجير قسري واسع النطاق، واستهداف مباشر ومتكرر للمستشفيات، وتدمير ممنهج للبنية التحتية الصحية والإنسانية، يشكّل انتهاكًا جسيمًا لقواعد القانون الدولي الإنساني، وعلى رأسها اتفاقيات جنيف التي تحظر استهداف المنشآت الطبية أو عرقلة عملها، كما تجرم تجويع السكان وحرمانهم من الرعاية الصحية.

ووفق البيان؛ تدلل عمليات الإخلاء القسري الواسعة، إلى جانب تدمير المستشفيات والبنية التحتية، بما لا يدع مجالًا للشك بأن دولة الاحتلال الإسرائيلي ماضية في تنفيذ جريمة الإبادة الجماعية ضد سكان غزة، وهو ما تتحقق أركانه القانونية من حيث النية والأفعال، بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لسنة 1948، وميثاق روما الأساسي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية.

وجدّد المركز الحقوقي دعوته العاجلة للمجتمع الدولي، وعلى رأسه الأمم المتحدة والأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف الأربع، بالتدخل الفوري والفاعل لوقف جرائم القوات الإسرائيلية المحتلة، وضمان حماية المستشفيات والعاملين الصحيين والمدنيين في قطاع غزة.

كما طالب باتخاذ خطوات عملية لفرض إدخال الوقود والإمدادات الطبية العاجلة، وضمان المساءلة الدولية عن الجرائم المرتكبة بحق أكثر من مليوني إنسان في القطاع المحاصر، مؤكدا مجدداً بأن الصمت والتقاعس في هذه اللحظات الحرجة يعنيان التواطؤ في جريمة إبادة مستمرة دون توقف.