احتجاجات في البرازيل ضد انتهاكات الاحتلال

احتجاجات في البرازيل ضد انتهاكات الاحتلال

ساو باولو – المركز الفلسطيني للإعلام

شارك آلاف النشطاء والمواطنين البرازيليين، أمس الأحد، في مسيرات جماهيرية انطلقت من ساحة روزفلت إلى شارع باوليستا وسط مدينة ساو باولو، رفضاً للإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني، وتنديدًا بجرائم الاحتلال الإسرائيلي المستمرة في قطاع غزة والضفة الغربية.

ووجّه المتظاهرون رسائل واضحة إلى الحكومة البرازيلية، مطالبين بقطع جميع أشكال العلاقات مع إسرائيل، بما فيها السياسية والتجارية والثقافية، مشددين على أن ما يحدث في فلسطين يمثل “محرقة حديثة” يجب ألا تبقى دون محاسبة دولية، بحسب “قدس برس”.

وقالت سلافيا، وهي يهودية من البرازيل: “نحن بحاجة إلى الوقوف متضامنين مع الشعب الفلسطيني. اليهودية لا تعني الصهيونية، ويجب أن نقف متحدين في وجه إسرائيل. لقد مضى أكثر من 600 يوم على الإبادة، ويجب أن نتحرك ونضغط على حكومتنا لقطع العلاقات معها”.

وأضافت سلافيا: “ديننا ليس قائماً على إقامة دولة عرقية. لدينا رسالة إنسانية عظيمة، ولا يمكن أن يكون أمننا مشروطًا بغياب الآخرين. نعم، هناك ارتباط روحي بأرض معينة، لكنها لا تُبرر إقامة دولة إقصائية على حساب الفلسطينيين”.

من جهتها، أكدت الناشطة السياسية سمارا بيسلي، من الحزب العُمّالي الثوري، أن الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق الفلسطينيين تتطلب ردا حازما، وقالت: “قُتل أكثر من 55 ألف فلسطيني على يد الكيان الصهيوني. آن الأوان للرئيس لولا دا سيلفا أن يقطع كل أشكال التعاون مع (إسرائيل)، بما في ذلك العلاقات السياسية والاقتصادية. نحن نعيش اليوم محرقة فلسطينية حقيقية”.

وأضافت بيسلي: “ما يجري في فلسطين اليوم قد يتكرر في أماكن أخرى، فالإمبريالية تبدأ بالتدمير في بقعة واحدة، ثم تفرضه كنظام عالمي.”

وتخللت المسيرات خطابات نددت بجرائم دولة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، وخاصة استهداف الأطفال والنساء والمستشفيات والمدارس، وسط تواطؤ دولي وصمت فاضح.

وردد المشاركون شعارات من قبيل: “إسرائيل دولة عنصرية”، و”إسرائيل دولة إبادة”، و”يجب وقف العلاقات مع إسرائيل فوراً”.

وقال الأستاذ لياندرو أغويار دي سوزا، أستاذ التاريخ في شبكة التعليم الحكومي: “علينا أن نكون قدوة لأجيالنا. لا يمكن أن أبقى صامتًا أمام هذه الجرائم. إذا لم يكن الجميع أحرارًا، فلا أحد حر”.

أما تشافريتاس، وهي طاهية وناشطة، فقالت: “نحن هنا لنكسر الحصار المفروض على غزة، ولنطالب رئيسنا بأن يقطع كل العلاقات مع إسرائيل، لأن هذه جريمة مستمرة ويجب ألا نصمت عنها”.

بدورها، قالت منسقة الجبهة الفلسطينية في ساو باولو، ثريا مصلح: “نحن نواجه محاولة (إسرائيلية) منهجية لإنهاء الوجود الفلسطيني من خلال إبادة جماعية مستمرة منذ أكثر من 77 عامًا، إلى جانب تطهير عرقي واسع في الضفة الغربية.”

وأضافت مصلح: “اليوم تحدث المجازر في غزة، وغدًا قد تكون في أي مكان آخر، فهذه هي طبيعة المشروع الاستعماري. لهذا نحن هنا، لنقاوم، ونناضل، حتى تتحرر فلسطين من النهر إلى البحر.”

وفي كلمة نارية عبر مكبرات الصوت، قال الناشط تياغو أفيلا، الذي أُطلق سراحه مؤخرًا بعد مشاركته في سفينة مادلين لكسر الحصار عن غزة: “اليوم هو يوم تاريخي في مسيرة المقاومة الفلسطينية. العالم بأسره ينهض ضد الصهيونية، ويجب ألا نخاف. كما هزمت الأجيال السابقة النازية والفاشية، جاء دورنا لهزيمة العنصرية والتفوق العرقي والإمبريالية الأمريكية وإسرائيل”.

وفي تصريحات خاصة لـ”قدس برس”، أضاف أفيلا: “هذه أكبر فعالية نقيمها حتى الآن تضامنًا مع الشعب الفلسطيني، وهي رسالة مهمة، لأن الشعب الفلسطيني يحب البرازيل ويحب الشعب البرازيلي. علينا أن نرد هذا الحب، ونكون جزءًا من نضاله، لأنه مصدر إلهام للعالم بأسره”.

وتابع أفيلا: “علينا أن نكون في المظاهرات، على وسائل التواصل، في حملات المقاطعة، وأن نفعل كل ما هو ضروري، لأن مستقبل الشعب الفلسطيني، على الأرجح، هو مستقبلنا أيضًا. من المهم أن نقف الآن مع مليارات الأشخاص حول العالم، ممّن يعرفون أن قتل الأطفال جوعًا، أو قصف المستشفيات والمناطق السكنية، هو جريمة ولن نقبل به بعد الآن”.

وعن قضيته الشخصية، قال أفيلا: “قالوا لي إنني ممنوع من دخول (إسرائيل) لمدة 100 عام، وقالوا ذلك وهم يضحكون. لكنني لم أرغب يومًا في زيارة إسرائيل، فأنا أريد أن أزور فلسطين الحرة، وأنا واثق أنني سأذهب إليها قبل مرور 100 عام – عندما يكون الشعب الفلسطيني حرًا.”

واختُتمت المسيرة بتجديد الدعوة إلى استمرار الضغط الشعبي والدولي لعزل “إسرائيل”، ووقف الجرائم التي تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني، ومحاسبة المسؤولين عنها.

وكان الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا قد صرّح في 5 حزيران/يونيو الجاري، خلال مؤتمر صحفي عقده في قصر الإليزيه بباريس، أن “ما يحدث في غزة ليس حربًا، بل إبادة جماعية يرتكبها جيش مجهز ضد النساء والأطفال”، مؤكداً أن العالم لم يعد يستطيع التزام الصمت، ومشدداً على أن “الاعتراف بدولة فلسطين هو واجب أخلاقي وضرورة سياسية”. ودعا لولا إلى رفع الصوت الدولي لوقف الجرائم الإسرائيلية، وانتقد ازدواجية المعايير في التضامن مع الضحايا، قائلاً: “لا يمكن معاملة الفلسطينيين كمواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة، فهم يريدون الحياة والحرية مثلنا”.

وبدعم أميركي مطلق ترتكب قوات الاحتلال منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 184 ألف فلسطيني مابين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إلى جانب مئات آلاف النازحين.