بين عرفة والمحرقة الهادئة.. قلوب الفلسطينيين ترتفع نحو السماء

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
في التاسع من ذي الحجة، بينما يقف قرابة مليوني من الحجاج في صعيد عرفات ملبّين، رافعين أيديهم نحو السماء، كان لأهل غزة موقفٌ آخر؛ لا على جبل الرحمة، بل على جبالٍ من الركام والدمار، يرفعون دعاءهم في وجه الغياب، ويُنادون الله في زمنٍ عزّ فيه النصير.
من تحت الأنقاض، وفي خيامٍ مؤقتة نصبت على أطلال البيوت، تسري همسات الدعاء، تخترق أزيز الطائرات، وتتصاعد وسط أعمدة الدخان.
#شاهد | تكبيرات يوم التروية في جنازة شهيد في قطاع غزة. pic.twitter.com/A6CJn8uKOj
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) June 5, 2025
يوم عرفة الذي يعد من أعظم أيام العام في التقويم الإسلامي، تحوّل في غزة إلى لحظة وجودية: دعاء نجاة لا دعاء غفران فقط، وبكاء استغاثة لا بكاء خشوع فحسب.
“في كل قصف نقول: يا الله. واليوم نقولها ألف مرة”، بهذه الكلمات لخّصت أم نضال (42 عامًا)، الناجية من قصف استهدف منزلها في مخيم النصيرات، حالَ مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين يصومون يوم عرفة بلا ماء، ويكبرون في مساجد مهدّمة، وقلوبهم مملوءة بالخوف، لكنها مشدودة إلى السماء.
#شاهد | في أيام الحج.. أهالي غزة يودعون شهداءهم بالتكبيرات والبكاء والألم. pic.twitter.com/rcrbEW5eh1
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) June 5, 2025
الدعاء في زمن العجز
بينما تتجه أنظار العالم الإسلامي نحو مكة، يعتلي الأنين في غزة صوت الأذان، الدعاء هنا ليس طقسًا روحيًا، بل فعل مقاومة، صرخة مكتومة تطلب رحمة عاجلة، ونصرةً مؤجلة، وعدلاً لم يأت بعد.
#فيديو مؤثر
لسيدة تودع شقيقها الذي استشهد بقصف الاحتلال، عشية عيد الأضحى، في جنوب خانيونس. pic.twitter.com/6UCFwBuhSL— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) June 4, 2025
في أحياء الشجاعية وخان يونس وجباليا، يُسمع الدعاء أكثر من أي وقت مضى: “اللهم إنك ترى، وتعلم، وتقدر، فارحمنا”.
تكبيرات تُقارع الطائرات
تجلّت المفارقة الكبرى صباح هذا اليوم، حين ارتفعت تكبيرات المآذن في غزة في لحظةٍ تزامنت مع قصف جوي عنيف في مناطق قطاع غزة.
وكأنّ أرواح أهل غزة اختارت أن تعلو فوق دخان الحرب، رافعة صوتها بالتكبير، في تأكيد أن الإيمان باقٍ رغم كل محاولات الإبادة.
“أكبرنا والحيطان تهتز من حولنا، خفنا.. لكن كملنا”، قالها أحد الشبان، وهو يساعد جيرانه في إزالة الأنقاض في مكان استهداف غاشم.
#شاهد | سيدة تودع شقيقها الذي استشهد بقصف الاحتلال، عشية عيد الأضحى، في جنوب خانيونس. pic.twitter.com/P7c2myNGLJ
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) June 5, 2025
صمت العالم.. وضجيج الدعاء
على وقع صمتٍ دوليٍ مطبق، يستمر النزيف الإنساني في غزة منذ عامين، ومعه تتآكل قدرة الأهالي على تحمّل المزيد.
لكن يوم عرفة، رغم قسوة الحرب، بعث شيئًا من الأمل، في مستشفيات تغصّ بالجرحى، وأفران شبه معطّلة، وأحياء تحوّلت إلى أطلال، ما زال الناس يدعون.
دعاء الأهالي في قطاع غزة “في يوم التروية”.. pic.twitter.com/bKl60DzqwO
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) June 5, 2025
“من عرفات إلى غزة، اللهم كن معنا”، شعارٌ ردده نشطاء عبر مواقع التواصل، في حملات تضامن مع القطاع المنكوب، داعين إلى أن يكون يوم عرفة هذا العام موعدًا لاستيقاظ الضمير الإنساني العالمي، لا مجرّد يومٍ من العبادة الفردية في اليوم الذي يُقال فيه أن الله يعتق فيه عباده من النار، كانت غزة في قلب النار حقًا.
لكنّ أهلها لم يفقدوا الإيمان، ولم تنطفئ في عيونهم شرارة الرجاء، وبينما ينهي الحجيج وقوفهم على عرفات، يختم الغزّيون يومهم بدعاءٍ واحد: “اللهم أذِقنا طعم العيد، بلا فَقْد، بلا قصف، بلا خوف”.
مسجد أنصار الذي دمره الاحتلال بعد قصفه فجر اليوم في دير البلح وسط قطاع غزة. pic.twitter.com/BEmYMJlaKg
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) June 2, 2025