غزة تواجه نموذجاً جديداً: هل سيعيد الاحتلال إنتاج المتعاونين؟

غزة- المركز الفلسطيني للإعلام
في ظل عجز جيشه عن تحقيق أهدافه بعد أكثر من ثمانية أشهر من العدوان المتواصل على قطاع غزة، بدأ الاحتلال الإسرائيلي يلجأ إلى أدوات قديمة بثوب جديد، كان أبرزها إعلانه الأخير عن دعم مجموعة محلية يقودها المدعو “ياسر أبو شباب” في جنوب القطاع.
خطوة أعادت إلى الأذهان تجربة جيش “أنطوان لحد” في جنوب لبنان، الذي خدم كذراع محلية للاحتلال الإسرائيلي في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، قبل أن ينهار تحت ضربات المقاومة اللبنانية.
المرتزقة نمطٌ متكررٌ في استراتيجية إسرائيل لتفكيك المجتمعات المقاومة
هذه المقارنة لم تأتِ من فراغ، بل أكدها الخبير العسكري اللبناني، ميخائيل عوض، الذي رأى في هذا التحرك محاولة مكشوفة لإعادة إنتاج منظومة العملاء، مع اختلاف الجغرافيا وثبات النهج الاستعماري.
تشابه السياق… وثبات روح المقاومة
يرى عوض أن الاحتلال في غزة لا يختلف عن الاحتلال الذي واجهه اللبنانيون في الجنوب، كما أن المقاومة الفلسطينية اليوم تحمل ذات الروح التي قاومت الاحتلال في لبنان، وقال في تصريح صحفي: “الاحتلال في غزة هو نفسه الاحتلال الذي شهدناه في لبنان، والمقاومة والشعب في لبنان هما ذات الروح التي تنبض اليوم في غزة”.
⭕️ عائلة أبو شباب تتبرأ من ياسر بعد تورطه في أنشطة أمنية خطيرة https://t.co/XbJyoEl9G0
— وكالة شهاب للأنباء (@ShehabAgency) May 31, 2025
ويضيف: “التجربة أثبتت أن المحتل لا يمتلك جديدًا سوى آلة التدمير والإبادة، بينما يقابله شعب صابر ومضحٍ، ورجال باعوا أرواحهم لله، لا ينشدون سوى النصر أو الشهادة”.
من الواضح أن الاحتلال يكرر الأساليب ذاتها: البحث عن عملاء محليين، فرض واقع بالقوة، واستخدام الحرب النفسية لزعزعة الداخل. لكنه في المقابل، يواجه مجتمعًا أكثر وعيًا وتجربة، وخاصة في غزة، التي خبرت الحصار والعدوان والانقسام، وخرجت من كل ذلك أكثر تماسكا.
عصابة ياسر أبو شباب هم حفنة من العملاء والجواسيس للاحتلال .. مصيرهم معروف وعاجلاً أو آجلاً سيتم القضاء عليهم pic.twitter.com/ALjg3uBWyD
— أحمد جرار (@j_jarar) June 5, 2025
“عملاء الجنوب” من لبنان إلى غزة
إعادة إنتاج نموذج “جيش لحد” في غزة يبدو هدفًا مستحيلاً وفق تقديرات العديد من الخبراء، إذ أن البنية الاجتماعية والميدانية في القطاع تختلف كليًا عن بيئة الجنوب اللبناني في الثمانينات، حيث كان الاحتلال حينها يسيطر فعليًا على الأرض ويوزع الأدوار بين جيشه وعملائه. أما في غزة، فإن الاحتلال يكتفي بالقصف والتوغل المحدود، ويواجه مقاومة عنيدة تسيطر على الأرض وتحظى بتأييد شعبي واسع.
سلفيون، داعـ.ـشيون، مجرمـ.ـون لصـ.ـوص، حشـ.ـاشون، فتحاويون حمائليون، عمـ.ـلاء.
من هذا الفريق الكوكتيل تتكون عصـ.ـابة المدعو ياسر أبو شباب والتي أقامتها إسرائيـ.ـل ودعمتها بالمال والسـ.ـلاح في جنوب قطاع غزـة.
هؤلاء الذين وصفهم الصحفي الإسـ.ـرائيلي نداف إيال يوم أمس الجمعة في… pic.twitter.com/cyjlO2P3MB— الشيخ كمال الخطيب (@KamalKhatib1948) June 7, 2025
وفي هذا السياق، شدد ميخائيل عوض على أن “غزة قادرة على تصفية نموذج العملاء بشكل أسرع مما حدث في لبنان، ومن هزم الاحتلال في ذروة قوته واستنفاره، قادر على سحق حفنة من تجار الدم واللصوص وقطاع الطرق الذين لا يمثلون طبيعة غزة وقيم أهلها”.
مخابرات السلطة الفلسطينية تواصل التنسيق مع الاحتلال من خلال توظيف عصابة في غزة يقودها المطلوب وتاجر المخدرات ياسر أبو شباب، لرصد المقـ.ــاومة وتسهيل عمليات الجيش الإسرائيلي في القطاع. تعرف عليه! pic.twitter.com/5auIN1Iw5t
— مجلة ميم.. مِرآتنا (@Meemmag) June 1, 2025
إعلان نتنياهو دعم هذه المجموعات علنًا قد يُفسَّر كإفلاس سياسي وعسكري، ومحاولة يائسة لتحقيق ما عجز عنه الجيش عبر العمل الميداني. لكنه في المقابل، يمنح المقاومة مبررًا إضافيًا لتكثيف عملياتها ضد أي محاولات اختراق، وسط دعم شعبي واسع لكل من يتصدى لمثل هذه المحاولات.
التاريخ لا يرحم الخونة
التجربة اللبنانية تُظهر بوضوح أن الخونة لا مستقبل لهم، وأن الرهان عليهم لا يصنع نصرًا. جيش لحد الذي خدم الاحتلال لعقود، انهار خلال أيام قليلة، وترك خلفه تاريخًا أسود لم يشفع لقادته عند الإسرائيليين ولا اللبنانيين.
أمن المقاومة يتوعد المرتزقة الفارين المتعاونين مع العدوّ بالثأر ولو بعد حين
وعن هذه التجربة، قال عوض: “تجربة جيش أنطوان لحد انتهت بالفشل الفاضح، والمقاومة اللبنانية نجحت في التعامل مع العملاء بحكمة واقتدار”، مضيفًا أن المقاومة الفلسطينية تمتلك اليوم من القوة والخبرة ما يجعلها قادرة على التعامل مع أي اختراق داخلي بصرامة وفعالية.
نهاية مفتوحة لصراع طويل الأمد
في المحصلة، تبدو محاولة الاحتلال لزرع أدوات داخلية على شاكلة “جيش لحد” بمثابة مقامرة محفوفة بالمخاطر، لا سيما في بيئة مثل غزة التي اختبرت كافة أشكال الصراع وخرجت أكثر وعيًا واستعدادًا.
كتائب القسام تبث فيديو تفجير منزل مفخخ بمستعربين شرقي رفح
ومع انكشاف هذه الأدوات مبكرًا، يصبح من الواضح أن المقاومة الفلسطينية، إلى جانب الحاضنة الشعبية، باتت تملك زمام المبادرة في إدارة التحديات الداخلية، فضلًا عن صد العدوان الخارجي.
إن مستقبل هذا الصراع لا تحدده الدبابات أو الطائرات، بل يُرسم في وجدان الشعوب، وفي خياراتها المصيرية: فإما أن تقبل بالاحتلال وعملائه، أو تقاوم حتى النفس الأخير. وغزة، بما قدمته من تضحيات، تبدو قد حسمت خيارها منذ زمن بعيد.
الأورومتوسطي: 6 آلاف من المرتزقة يقاتلون بجيش الاحتلال