تغيير إداري في ظروف غير عادية: ماذا يترقب النائب الجديد؟ (تقرير)

تغيير إداري في ظروف غير عادية: ماذا يترقب النائب الجديد؟ (تقرير)

صدرت مؤخرًا حركة التغييرات الإدارية المنتظرة داخل هيئة البترول وبعض شركات القطاع، والتي شملت مواقع حساسة في توقيت بالغ الدقة. وكان أبرز ما فيها اختيار نائب رئيس الهيئة للشؤون الإدارية، وهو قرار يحمل في طياته دلالات متعددة، ليس فقط بسبب اسم المرشح، بل أيضًا لمصدر الترشيح الذي جاء من شركة خالدة، في إشارة لها أبعاد تتعلق بكفاءة الأداء وثقة القيادة في كوادر هذه الشركة.

لكن اللافت أن هذه الحركة الإدارية جاءت في توقيت استثنائي ومناخ إقليمي محتدم. ففي الوقت الذي تستعد فيه المنطقة لاحتمالات اندلاع صراع عسكري جديد، وسط أزمات قائمة بالفعل على الحدود الشرقية، والغربية، والجنوبية، وفي ظل تحركات فوضوية شعبوية تستهدف زعزعة الاستقرار، تأتي هذه التغييرات لتضع القيادات الإدارية الجديدة في قلب التحدي.

وعلى الصعيد الاقتصادي، ارتفعت أسعار النفط بشكل مفاجئ، الأمر الذي استدعى مراجعة عاجلة للمخزونات الاستراتيجية للدولة، خاصة مع اقتراب مراجعة عقود شحنات الغاز المستوردة. كل هذه التطورات تعني أن النائب الجديد سيبدأ مهمته في ظروف شديدة السخونة، ووسط ملفات عالقة تتطلب سرعة الحسم ورؤية واضحة.

ملفات شائكة تنتظر الحسم:-

من أبرز الملفات التي ستكون على طاولة النائب الجديد فور تسلمه مهام منصبه:
1. ملف عمالة المقاول:
أحد أكثر القضايا تعقيدًا في الشؤون الإدارية بالقطاع، لما تمثله من تحدٍ بين شركات التشغيل وشركات الإنتاج، في ظل مطالب مستمرة بالاستقرار الوظيفي وتحقيق العدالة المهنية.

2. قانون العمل الجديد:
صدور القانون فتح الباب لتساؤلات واسعة حول تطبيقه الفعلي داخل شركات البترول، في انتظار صدور اللائحة التنفيذية، مع ضرورة إعداد تصور إداري متكامل لتطبيقه بواقعية وبما يراعي طبيعة العمل داخل القطاع.

3. ملف العلاوات والترقيات:

مع اقتراب نهاية العام المالي، يتزايد الضغط فيما يتعلق بتحديد العلاوات الدورية والترقيات، في ظل تباين مواقف الشركاء الأجانب، خاصة بعد تسجيل انخفاض ملحوظ في أسعار النفط هذا العام، مما يُلقي بظلاله على موازنات الشركات.

4. امتيازات الدرجات الوظيفية:

أصبح هذا الملف محورًا للنقاش داخل القطاع، في ظل غياب قواعد واضحة تحدد آلية توزيع الامتيازات. ومن أبرز أوجه هذا الخلل، نظام تخصيص السيارات الذي تحمّلت الدولة أعباءه دون ضوابط موحدة.

5. التنسيق مع نيابات الهيئة:

خاصة نيابات الرقابة الإدارية، والشؤون المالية، والاقتصادية، وهي جهات رقابية شريكة في تقييم أداء الشركات، مما يجعل نجاح النائب الجديد في التنسيق معها معيارًا لقدرته على إدارة المنظومة بشفافية وثقة.

تأتي هذه التغييرات في ظرف دقيق يمر به الوطن بأسره، حيث لا مجال للمجاملات، ولا للقرارات المؤجلة، ولا للأيادي المرتعشة. فكل خطوة لها وزنها وتأثيرها، وتتطلب شجاعة في اتخاذ القرار، وحنكة في إدارة الأزمات.

إن استقرار قطاع البترول يوازي في أهميته استقرار الدولة، والعنصر البشري فيه هو حجر الأساس. لذا، فإن القيادات الإدارية التي تم اختيارها يجب أن تكون على قدر المسؤولية، مستوعبة لخطورة المرحلة، ومدركة لحجم الملفات المطروحة، بعيدًا عن سياسة المهادنة والمساومة، خاصة أن مواقعهم الجديدة تمثل قلب النشاط الإداري للقطاع.

مسؤولية مشتركة… لا تقتصر على الوزير وحده

في ظل هذه المتغيرات، لا يجب أن يتحمل الوزير وحده عبء التصدي للتحديات. إنما هي مسؤولية جماعية لجميع القيادات في الصفين الأول والثاني، الذين تقع على عاتقهم مسؤولية دعم استقرار القطاع، ومساندة الدولة في ظرف إقليمي وداخلي شديد الحساسية.

لقد جاءت حركة التغييرات في توقيت استثنائي، تتطلب من الجميع أداء استثنائيًا، ورؤية واضحة، وقرارات محسوبة… فالوطن لا يحتمل مزيدًا من التجريب.

تحرير فريق المستقبل البترولي